حملات تفتيشية ولكن..
نسمع ونشاهد كثيرا من الحملات التفتيشية، التي تشنها وزارة التجارة مشكورة بمعاونة عديد من القطاعات المساندة، على بعض النشاطات التجارية المختلفة، خصوصا التي لا تراعي أبسط حقوق المستهلكين، ما يتسبب في كثير من الحوادث والكوارث القاتلة.
ومن هذه النشاطات ما يتعلق بالأمن والسلامة للمركبات، ولنأخذ مثالا على ذلك: محال شارع الغرابي، التي نحن بصدد إعداد تقرير عنها اليوم في موضوع الصفحة الرئيس، والتي يباع فيها كل ما تمنعه قوانين وأنظمة السلامة المرورية.
من وجهة نظري ونظر عدد من القراء، فإن جهود تلك الحملات التفتيشية التي تتم من حين لآخر ما هي إلا مسكنات ألم، ولا تجتث أسبابه ومسبباته؛ لأن تلك الحملات مهما كانت سريتها، فلا بد من تسرب ولو جزءا بسيطا من معلوماتها ووجهتها لتنوع الجهات المشاركة بها وكثرة أفرادها، فتضعف فاعليتها، وقد تكون مجرد تخدير، وليس كما يراد لها، وخلال فترة وجيزة يعود المرض أقوى مما كان، والحل باستئصاله من جذوره وليس بتخفيف ألمه لوقت وجيز فقط ومن ثم يعود.
ولكن – مع الأسف – هذا ما يحدث بعد الحملات التفتيشية، حيث يتعرف المخالفون على أبرز خططها وتكتيكاتها، فيتعاملون معها مستقبلا وفق توجهاتها، ويخططون للتقليل من فاعليتها وتحاشيها.
المأمول ممن ينفذ الحملات التفتيشية التعامل مع المجرمين بالأسلوب ذاته، أو باتباع طرق يتفاجأ المجرمون بتجدد وتنوع أساليبها.
ولكي تنجح تلك الطرق لا بد من زرع المخبرين لها في الأماكن التي تكثر فيها المخالفات والمخالفون، وبعد الإلمام بكافة خيوط جرائمهم من تستر وانتهاك حقوق شركات ومستهلكين وغيرها، يتم دهم كل عناصرها بهدوء للقضاء عليهم بضربة قاضية.
وهذه الطريقة ستربكهم وتجعلهم دائما في رعب، وتربك خطط تخفيهم وتسترهم.
وطرق القضاء على تلك المخالفات يجب أن تؤسس لها قواعد تنطلق منها، وتسند مهماتها لمكاتب شركات متخصصة، كساهر أو نجم وغيرهما من الشركات التي أثبتت نجاحا فيما أسند إليها من أعمال ومهمات، ولتقوم برصد المخالفات أولا بأول وفق آليات متقدمة، ومن ثم تطبيق آليات العقاب ضد كل من تسول له نفسه استلاب الحقوق ومخالفة أنظمة وقوانين البلد.
مع الأسف، عشرات بل مئات الحملات نظمت ونفذت بشارع الغرابي بالذات، والنتيجة أن الجرائم لم تختف بل قد تتزايد؛ لأن المجرم عرف كيف يتعامل مع هذه الحملات.
فأصبح هذا الشارع ملاذا للمخالفين ومرتعا لمخالفة التعليمات المرورية من قبل أصحاب المحال والعاملين بها، وبيع كل ممنوع وعلى عينك يا تاجر.
المصدر: الرياض