حقق 19 بطولة كبرى.. ولا ينسى نصائح الملك عبد الله له.. و”كأس السعودية” سيغير رؤية المدربين المحليين
صحيفة كل الصحف – الرياض
تحوَّل من مجرد هاوٍ للفروسية، ولم يتجاوز الـ 23 ربيعاً، إلى أحد أبرز الأسماء الذهبية التي مرت على ميادين الفروسية طوال 47 عاماً؛ فأصبح منارة يهتدي بها الفوارسُ والعشاق لخيل السباقات. هو الفارس والمدرب السعودي سعود بن رزيق الذي تغير مجرى حياته مع أول جواد تملكه؛ ليبدأ معه أولى خطوات “مجده الفروسي”.
البطولات الفروسية المحورية
“في كل بداية يواجه الإنسان العديد من العقبات، ولكن بفضل الله ثم بالإصرار يتغلب عليها وينطلق بعدها”. هكذا انطلق سعود بن رزيق في حديثه وهو يتذكر بداياته الفروسية كخيَّال هاوٍ، ومن ثم عبوره إلى أبواب الاحتراف في هذه الرياضة العريقة.
ويتذكر الفارس ابن رزيق أول انتصاراته كخيَّال في عالم سباقات الخيل قبل أكثر من أربعة عقود في ثمانينيات القرن الماضي (1980 / 1400هـ) مع الجواد “ربدان” في ميدان الفروسية بالملز، وهو ملك إسطبل صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل.
تصب جُعبة ابن رزيق بالكثير من التفاصيل التاريخية، والتي كانت نقطة تحول دراماتيكية في حياته الرياضية الفروسية، ويتذكر بشكل مُركز إحرازه كأس ولي العهد في عام (1981/ 1400هـ)، مع الجواد “ذيبان” للأمير بدر بن فهد؛ لتسلط الأضواء بعدها على هذا الفارس السعودي المتميز؛ ليغدو حينها محل “الثقة الفروسية” من قبل كبار المدربين لامتطاء جيادهم في السباقات الكبرى.
كلمات الملك عبدالله
وبين الممارسة والتدريب، شق ابن رزيق طريقه قبل نحو 47 عاماً، وبالتحديد عام 1395هـ، ويقول عن تلك الفترة الحيوية في حياته الرياضية الفروسية: “بدأت تدريب أربعة جياد في إسطبل أبناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وحققت معها عدة انتصارات مميزة”.
ولا ينسى الفارس كلمة الراحل الملك عبدالله -رحمه الله- عندما ذكره بعبارته الشهيرة: “ما ينفع الوطن إلا ابن الوطن”. ولثقته الكريمة أسند إليه عدداً أكبر من الخيل بوجود المدرب العالمي “كريستوفر”، وحقق حينها كأس الملك، ثم كُلف بالإشراف على جميع خيل الإسطبل الأبيض (إسطبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز)، وتوالت البطولات عليه حتى أحرز 19 بطولة مصنفة من الفئة الأولى، وكان الفضل -بعد الله- في ذلك مهندس انتصارات الإسطبل العريق؛ صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي كلفه بالإشراف العام على الإسطبل.
وعن علاقة الملك عبدالله -رحمه الله- بالخيل، يقول: “كان رجلاً فروسياً من الطراز الأول، ويعرف أدق تفاصيل عالم السباقات، وليس بغريب عليه؛ فهو ابن عائلة فروسية، واهتم كثيراً بحال الخيل في الإسطبل، وكان متابعاً دقيقاً للمرشح منها في البطولات الكبرى، وكان يحرص على كل جواد يملكه، ويتصل بي قبل أي سباق مهم، ويسألني عن حال الجواد والخطط المرسومة قبل السباق بأيام وفي يوم السباق”.
ولم يكتفِ ابن رزيق بقصصه مع الملك عبدالله، ويصفه بأنه “الداعم المعنوي والمادي الأول، والأب الروحي للإسطبل، وبعد وفاته واصل الدعم ابنه الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، ولا يزال يواصل مسيرة والده”.
قصة الجواد “وذنان”
وعن إنجازاته كخيَّال ومدرب، يؤكد أنها كلها تعني له الشيء الكثير، خصوصاً المصنفة من الفئة الأولى، وهي 19 انتصاراً، مثل “كؤوس خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد”، وغيرها من البطولات، ولكن يبقى فوز الجواد “رزق الله” بكأس خادم الحرمين الشريفين عام 1413هـ من أحب الإنجازات إلى قلبه.
و لا يزال الجواد “وذنان” محفوراً في الذاكرة التاريخية للفارس ابن رزيق، وهو أحد الجياد البارزة في مسيرته الرياضية الفروسية، ويتحدث عنه بمتعة كبيرة قائلاً: “إنه حاد الطباع، تصعب السيطرة عليه، وفي أحد الأشواط الكلاسيكية كان المرشح للفوز بها، وقبل دخول الشوط، وأثناء عملية التسريج، تعرضت لإصابة بليغة في الرأس من الجواد نقلت على أثرها للمستشفى، وأثناء وصولي إليها كنت أكرر سؤالي : هل فاز وذنان بالكأس؟، وبالفعل لم يخيب آمالي، وكسب ذلك الشوط، ولله الحمد”.
تطور الفروسية في المملكة
وبين الماضي والحاضر، كيف يرى سعود بن رزيق مستوى السباقات في المملكة، خلال الأعوام السابقة والعام الحالي، ويجيب عن هذا التساؤل بشيء من الإسهاب الفروسي المهني؛ فيوضح أن ” مستواها متصاعد، وهي في تقدم ملحوظ، وكان اعتمادنا سابقاً على الإنتاج المحلي في السباقات، ثم انتقلنا إلى مرحلة متقدمة بدخول الجياد المستوردة التي تحمل دماء فاخرة وسلالات نادرة، سواء كانت أفراساً أو أحصنة، تشارك في ميدان الفروسية السعودي؛ مما أسهم في تطور مستوى السباقات المحلية، واضحت جياد الإنتاج المحلي تتنافس مع المستورد، وعاصرنا قفزات نوعية في تحديث الأنظمة على مستوى الإنتاج، ومن ذلك -على سبيل المثال لا الحصر -: نظام تصنيف الجياد الـ”هانديكاب Handicap” الذي عمل على تصنيف الجياد إلى مستويات متعددة بحسب مستوياتها الساقية”.
ومن التطورات المحورية النوعية، إطلاق السباق العالمي “كأس السعودية” العام الماضي بنسخته الأولى، بدعم من خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، ويقول عن ذلك: “عمل (كأس السعودية) على تغيير رؤية المدربين المحليين بانخراطهم مع كبار المدربين العالميين؛ مما أتاح لهم تبادل الخبرات المتعلقة بالتدريب والإنتاج؛ لذلك يشهد خيل الإنتاج السعودي تطوراً لافتاً من خلال الانتصارات الكبرى التي حققها في هذه المسابقة، وأمسية كأس دبي العالمية”.
وبعد أكثر من أربعة عقود من العطاء الفروسي، قدم ابن رزيق خليفته في المجال؛ نجله “بدر” المجتهد والمحب لعالم الخيل؛ ليتولى من بعده راية مدرب الإسطبل الأبيض؛ ليحقق في وقت قصير عدداً من الإنجازات المحورية، ووجد الدعم من إسطبل أبناء الملك عبد الله بن عبدالعزيز كما كان له، وحصد أكبر البطولات وأغلاها في المملكة.