مركز السياسة الأمريكية في حالة جمود اقتصادي عميق منذ تفشي كورونا
خلف نوافذ البنك الدولي الكبيرة، يلزم حراس الأمن مواقعهم لكن دون نشاط، وفي الخارج، تبدو أرصفة واشنطن خالية، ولا تزال أبواب المصرف مفتوحة ولا يزال مستعدا لاستضافة مناسبات بينها اجتماعاته مع المؤسسات المالية الدولية، التي تنظم مرتين في العام، لكن جميعها ستكون الآن افتراضية. وفي الجوار، كتب على لافتة وضعت على مبنى مقر صندوق النقد الدولي وعلقت منذ ستة شهور مغلق مؤقتا، وقبل شهر فقط على الانتخابات الرئاسية، لا تزال واشنطن، مركز السياسة الأمريكية، في حالة جمود اقتصادي واجتماعي عميق منذ بدأ تفشي كورونا قبل ستة شهور، وفقا لـ”الفرنسية”.
ولن يكون في إمكان 12 ألف شخص من المقرر أن يشاركوا في الاجتماعات المقبلة في البنك الدولي وصندوق النقد التجول على أرصفة مركز المدينة الأنيق، الذي كان يعد قبل الوباء مثالا على حداثة مراكز المدن الأمريكية.
بدلا من ذلك، سيجلسون في منازلهم خلف شاشات حواسيبهم.
وإلى جانب أنشطتها السياسية، كانت المدينة على مدى العقدين الماضيين مركزا للمؤتمرات الدولية، إذ يشير مدير منظمة “ديستنيشن دي سي” المتخصصة في تسويق واشنطن كوجهة للمؤتمرات والسياحة إليوت فيرجسون إلى أنه قبل الوباء “شهدنا حضورا وزيارات بأعداد قياسية لواشنطن، ليس فقط للمؤتمرات والاجتماعات، بل كذلك لسوق الترفيه، والأسواق الدولية”.
وقال “إن هذه الأنشطة حركت الاقتصاد المحلي، حيث كنا في طريقنا لاستقطاب أكثر بكثير من 25 مليون زائر إلى المدينة، عبر 42 مؤتمرا كبيرا، وأما اليوم، فتنتظر المدينة 11 مليون زائر فحسب”.
العمل من المنزل
لا شك أن الحياة عادت إلى الأحياء الأكثر عصرية في المدينة، إذ أعادت المطاعم فتح شرفاتها الخارجية، بينما امتلأت المطاعم على الأسطح نهاية الصيف بفضل الزبائن المحليين. لكن في وسط المدينة، وعلى مقربة من البيت الأبيض، فإن مطاعم الوجبات السريعة في شارع كي، الذي يعد الشريان الرئيس، حيث يتناول أعضاء جماعات الضغط والمحامون غداءهم، لم تعد تفتح أبوابها في ظل غياب الزبائن.
ويعود الأمر إلى أن آلاف الموظفين في الحكومة والمؤسسات، بينهم تسعة آلاف من موظفي البنك الدولي، فضلا عن مستشاريه، يعملون من منازلهم حتى نهاية العام، وفضل معظم أصحاب الياقات البيضاء الذين كانوا يجلبون الحياة إلى عصب السياسة الأمريكية والدولية مواصلة عملهم عن بعد،.
كما أنهم يحظون موريل باوزر بدعم رئيسة البلدية الديمقراطية، التي طبقت سلسلة من القيود كانت بين الأكثر تشددا في البلاد لإبقاء حصيلة الوفيات بالفيروس عند 629 من بين أكثر من 12 ألفا و250 إصابة.
فنادق خالية
ونتيجة ذلك، بلغت نسبة النشاط الاقتصادي في مركز المدينة عند 12 في المائة فقط مما كان عليه العام السابق، مع عمل 95 في المائة من الموظفين من منازلهم، بحسب منظمة “داونتاون دي سي بزنس امبروفمنت دستركت”. وبلغت نسبة انشغال الفنادق 8 في المائة في حزيران (يونيو)، مقارنة بـ74 في المائة في شباط (فبراير).
وأفاد موظف في صيدلية من سلسلة “سي في إس” تقع على مقربة من مبنى صندوق النقد الدولي “أن الفرع حيث يعمل يواجه خطر الإغلاق ما لم تفتح المؤسسات الكبيرة أبوابها مجددا قريبا”.
وباتت الصيدلية في أفضل الأحوال تصرف مائتي وصفة في الأسبوع بدلا من أكثر من ألف كما كان الحال قبل الوباء، بينما تم تعديل مواعيد فتح أبوابها لتتناسب مع أوقات العمل في المؤسسات المجاورة. وأكد الموظف أن الصيدلية ستكون محظوظة إذا تمكنت من الاستمرار لستة شهور، مضيفا “أخشى من أن تغلق سلسلة “سي في إس” هذا الفرع إذا لم يعودوا إلى العمل في وسط المدينة”.
وعلى الرغم من الأجواء الكئيبة، يأمل جريجوري أوديل مدير “مركز مؤتمرات والتر اي واشنطن”، حيث تعقد أهم مؤتمرات المدينة، بأن الأيام المقبلة ستكون أفضل. وأعاد المركز الذي يستقبل نحو 1.5 مليون شخص كل عام، فتح أبوابه قبل أسبوعين، وكشف عن مجموعة من المعدات المتطورة المصممة لمواجهة الفيروس.
ذكاء اصطناعي
وتم وضع معدات للكشف عن درجة حرارة الزوار في مركز المؤتمرات في قلب واشنطن، كما يتم رش المعقمات داخله بشكل دوري، وتراقب آليات تعتمد على الذكاء الاصطناعي الزوار وتسجل إن كانوا يقتربون كثيرا من بعضهم بعضا، ويتجاهلون قواعد التباعد الاجتماعي، وكلف إلغاء 93 حدثا هذا العام المركز مبلغا مجموعه 345.5 مليون دولار. وقال أوديل “إن الوقت اليوم، أكثر من أي فترة مضت، مهم للغاية بالنسبة للناس والمجتمعات للاجتماع معا، ولدى المؤتمرات والاجتماعات والمناسبات الرياضية والترفيهية القدرة على تحقيق ذلك، وإن كان افتراضيا”.
وحول تساؤل ماذا إن بدأ الناس استساغة العالم الافتراضي؟، يجيب إليوت فيرجسون على ذلك بالقول “لا أعتقد أننا نعتاد على الأمر، أعتقد أننا نخسر فرصة التواصل الشخصي”.
وأضاف: يصعب على شخص ما الاهتمام بمنتجك أو أي نموذج تقدمه إذا تم عرضه عبر الإنترنت، مؤكدا “علينا لمسه”
المصدر – صحيفة الاقتصاديه – بتصرف