إمام المسجد النبوي: الجائحة أظهرت الحاجة لبناء الوعي في الأنجال والأجيال
صحيفة كل الصحف – واس
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير عن أهمية وعي الفرد وتبصّره بمسؤولياته تجاه نفسه ومجتمعه, والتذكير بجوانب الخير واتقاء الشرور وعواقب الأمور, باتباع تعليمات ذوي العلم والخبرة والاختصاص لتفادي الأخطار والوقاية من الأضرار.
وبيّن أن العاقل الواعي يدرك المسؤولية ويتبصّر عواقب الأمور قبل ظهورها, ويقيس الشيء بنظيره, ويأخذ العبرة من غيره, ويحذر الشرّ قبل أن يصيبه, مذكراً بما رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: “كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير, وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني” أخرجه مسلم.
وقال “البدير” إن اللبيب الواعي يتوقّى ما فيه مثلبة أو منقصةٌ, ويتحاشى ما فيه على نفسه معرّة أو على غيره مضرّة, ويتنزّه عما يستقذر, وينبو عمّا يستهجن, ويتصوّن عما لا يليق, فالجمال منه يتفجّر, والدرّ منه يتحدّر.
وحذرًمن اللامبالاة واللاوعي وتجاهل الفرد لمسؤولياته قائلاً : قلة الوعي آفة على ساق الجهل والخفة والطيش, وقلة الاكتراث وعدم المبالاة, وإن من البلاء أن يكون الرأي لمن يملكه لا لمن يبصره.
وأضاف: يأخذنا الألم حين نرى ونسمع التعليمات الوقائية, والنشرات التوعوية والأدلة الإرشادية, والخطط الاحترازية التي تصدر من الجهات الأمنية والصحية بخصوص جائحة كورونا, فيصغي إليها بمسمع أصمّ, ويقابلها بالاستهتار وعدم المبالاة, ويصرّ على المخالفة والمعاندة, ويجني على نفسه وعلى والديه وأولاده وأهله, ويجرّ البلوى والعدوى إلى قعر بيته ويفتح لها أبوابه, ويرفع عنها حجابه, ويثبّط الناس عن التحرّز, ويشيع بين الناس أن كورونا كذب وخداع, ويتعامى عن آلاف الموتى والمصابين الذين ذاقوا مرارته وشدّته, ,يصادر كل الجهود التي تبذلها الدول لاحتوائه, والسيطرة على انتشاره.
وحذّر إمام وخطيب المسجد النبوي من الطيش وعدم تقدير المخاطر, ودعا المثبطين إلى مراجعة العقول, وتأمل الأفكار التي يروجونها, والأفكار التي يطلقونها, والإيحاءات التي يشيعونها, داعياً إياهم إلى تقوى الله فيما يقولون, وأن يدعو ما لا يحسنون, وأن لا يخوضوا فيما لا يعلمون ولا يحاربون العلم بالجهل, واليقين بالظنون, والحقائق بالسقطّ والترهات, والأباطيل التي لا تستند إلى دليل ولا برهان, وأن يحكموا أمرهم, ويأخذوا حذرهم.
وأردف “البدير “: جائحة كورونا أظهرت الحاجة إلى بناء الوعي في الأنجال والأجيال, والنساء والرجال, لما ظهر من دجاجلة وأفاكين يستثمرون الجوائح في تحقيق المآرب الخبيثة, والمطامع الحقيرة.
وتابع: الخليّ الدعيّ الذي لا علم له بالطبّ ولا أهلية تمكّنه من البحث العلمي الدقيق, ولا أجهزة تخوّله إجراء التجارب يدّعي اكتشاف علاج كورونا, والمتطبّب المتطفّل المخادع يقدّم الوصفات الشعبية لعلاج فيروس أعجز مراكز البحث العلمي في العالم, والجشع البشع وفاقد القيم والشيم يحتكر البضائع والكمامات والمطهّرات والمعقمات حتى يتلاعب بالأسعار, والمزوّر الغاشّ المحتال يتجاسر على الفتوى والاجتهاد في النوازل والمشكلات المتعلقة بكورونا, ويوجّه الناس كيف يصلّون ويزكّون ويتعبّدون وهو لا يملك الأهلية للاجتهاد والفتوى”.
وحضّ على يقظة القلوب من الغفلات, والتوبة من الذنوب والخطيّات, مذكراً أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة, وأن يستنزل العبد الرحمة بالدعاء, فمن افتقر إلى الله استغنى, ومن لاذ به عزّ, ومن استجار به وقيّ.