البن الخولاني في جازان.. كنز يبحث عن المستثمرين
شرعت وزارة البيئة والزراعة والمياه، في استثمار كنوز جبال جازان، التي تتميز بمناخها المناسب لزراعة أهم أصناف البن والتي ثبت نجاحها تحت ظروف المنطقة.
وتصنف المملكة من أكثر دول العالم استهلاكاً للبن لارتفاع معدل استهلاك الفرد السعودي للقهوة، وتقدر الكميات المستوردة سنويًا للأسواق السعودية من البن بـ10.000 طن، ويبلغ معدل إنفاق السعوديين على إعداد القهوة أكثر من مليار ريال، بواقع يتجاوز 60 ألف طن حسب تقديرات وزارة البيئة والمياه والزراعة، ودراسات جامعة الملك عبدالعزيز.
ومن المعروف أن زراعة البن ذات عائد اقتصادي جيد، إلا أن زراعتها في منطقة جازان لم تزدهر لقلة مياه الأمطار الساقطة في بعض الشهور من السنة، لأن البن يحتاج إلى كميات من مياه الأمطار ما أدى إلى انحسار زراعته.
اعتراف عالمي
تسعى المملكة لجعل منطقة جازان مصدرًا مهمًا لإنتاج البن، وخصوا البن الخولاني الذي يمتاز بالجودة عن بقية الأنواع، وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه وتصدير الفائض عالمياً دعماً للاقتصاد الوطني وفق رؤية 2030.
كما تسعى لتوثيق البن الخولاني في المحافظات الجبلية بمنطقة جازان، بكل من محافظة الريث ومحافظة الداير بني مالك بغرض تسجيله في المنظمة العالمية للتراث “اليونسكو”، وسيكون تسجيله داعماً قوياً لتحقيق إنتاج أكبر يصل بالبن الخولاني إلى العالمية.
وترى مستشارة إدارة المشروعات في الجمعية السعودية للمحافظة على التراث رهاف القصاص والمسؤولة عن مبادرة توثيق البن في اليونسكو: إن الهدف تسجيل المهارات والمعارف المرتبطة بزراعة البن الخولاني في المحافظات الجبلية ليتم إدراجه على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونسكو وسوف يساهم في حفظ المهارات والمعارف المرتبطة بالزراعة وضمان استمراريتها واستدامتها في هذه المحافظات.
كما يرى المهندس الزراعي حسن يحيى الفيفي، أن هذا المشروع وهذه المبادرات المتتالية تدعم زراعة البن في المملكة لتحقيق أمنيات المواطنين وطموحات رؤية 2030.
لماذا جازان؟!
تشتهر منطقة جازان بزراعة البن حيث تنتشر في المرتفعات الجبلية منها، ويبلغ عدد مزارع البن في منطقة جازان أكثر من 800 مزرعة في محافظات القطاع الجبلي الداير بني مالك، وفيفاء، والعيدابي، وهروب، والرّيث، والعارضة، منهم 563 مزارعًا في محافظة الداير بني مالك، ويبلغ عدد الأشجار في الداير بني مالك أكثر من 40 ألف شجرة بن وتحتضن مهرجانًا سنويًا لتسويق منتجاته.
وأنشأت وزارة البيئة والمياه والزراعة قي وقت سابق وحدة أبحاث للبن، بمركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان، وتعد الأولى من نوعها، حيث جاءت الموافقة على استحداثها لنجاح منطقة جازان في زراعة البن، وتماشياً مع رؤية الوزارة في توطين الزراعات بالمملكة وتحسين جودة المنتج الزراعي.
كما سبق أن نظم مركز الأبحاث الزراعية بجازان ممثلاً بوحدة أبحاث البن تنفيذ برنامج اليوم الحقلي «الممارسات الزراعية الجيدة للعناية بأشجار البن في المملكة» بمشاركة خبراء من وحدة أبحاث البن ومستشارين في زراعة البن، بهدف القرب من مُزارعي البن والوقوف على أبرز معوقات زراعته، وتقديم الحلول والمعلومات المتكاملة لتطوير المنتج، وتضمن البرنامج ندوة علمية تم خلالها التعريف بكيفية زراعة البن وضرورة توفير المياه والسماد والتراب والمكان الملائم لينتج بجودة عالية، وكذلك أجريت مناقشة حول الممارسات الزراعية الجيدة للعناية بأشجار البن في المملكة وكيفية الحفاظ عليها، كما تم استعراض جودة البن العربي الخولاني، الذي يعد من أفضل أنواع البن جودة على مستوى العالم، والذي يزرع في جنوب غرب الجزيرة العربية، وينتج أكثر 70 ألف طن سنوياً من البن.
استغلاله تجارياً
قبل وقت وجيز كان عدد أشجار البن في جازان لا يزيد عن 70 ألف شجرة، وتُسهم بـ 1.4 % فقط في سوق البن في المملكة، وبدعم أرامكو السعودية التي أطلقت مشروعًا تنمويًا لتشجيع زراعة البن في جبال جازان صعد الرقم لمستويات قياسية، ليستفيد من زراعة البن أكثر من 500 مُزارع، ويسعى المشروع التنموي بالتعاون مع الجمعية الخيرية في محافظة الداير بجازان وهيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية التابعة لوزارة الداخلية إلى اختيار أكثر مزارع البن احتياجًا، وتوفير جميع ما تحتاجه المزارع من معدات وأدوات، وتدريب المزارعين على أحدث طرق استزراع القهوة، والاستفادة من فرص نمو هذه الصناعة في منطقة جازان، وزيادة إسهاماتها في سوق القهوة بالمملكة، وتصدير العائض عالمياً.
وتأتي مبادرة أرامكو ضمن الاهتمام المستمر بزراعة البن في جبال جازان، حيث يحظى البن «الخولاني» الذي تشتهر به المنطقة باهتمام متزايد، وقد انطلقت المبادرة في مرحلتها الأولى بأهداف متعددة تتمثل في دراسة إحصائية لواقع زراعة البن في جبال جازان، ورفع مستوى الوعي للمزارعين وكفاءتهم والعناية به لزيادة نسبة الإنتاج، وتزويد المزارعين بخزانات المياه اللازمة للزراعة، وهي العقبة التي كانت تمنع الزراعة خلال السنوات الماضية، نظرًا لشح المياه وصعوبة وصولها للمناطق الجبلية المرتفعة.
وسوف يسهم الاهتمام في زراعة أشجار البن ورعايتها حتى مرحلة الإنتاج، زيادة في الإنتاج المحلي من البن ومن ثم خفض تكاليف الاستيراد ورفع مستوى المعيشة لمزارعي البن وأسرهم، وإعادة مزارعي البن الذين ابتعدوا عن أراضيهم، وتنمية تلك الأراضي وتطويرها.
نحو العالمية
في آخر إحصائية عن إنتاج البن وعدد المزارع والأشجار في المملكة للعام 1440هـ، بلغ الناتج المحلي من البن العربي 646 طناً، كما بلغ عدد مزارع البن 847 مزرعة احتوت على 100 ألف شجرة بُن، منها 82390 شجرة مثمرة.
وفي أكتوبر بداية الشهر الجاري احتفت وزارة البيئة والمياه والزراعة باليوم العالمي للقهوة، بالتزامن مع الاحتفال العالمي الذي يُقام في الأول من أكتوبر من كل عام، بهدف التشجيع على التجارة العادلة للقهوة، وزيادة الوعي حول مشكلات مزارعي البن، وإبداء الدعم لهم للنهوض بهذا الرافد الاقتصادي المهم.
وقد أوضح وكيل الوزارة للزراعة المهندس أحمد العيادة، أن الوزارة قدمت الدعم لتعزيز إنتاج البن في مناطق جازان والباحة وعسير جنوب غرب المملكة، وأطلقت برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة وجعلت من أهم مستهدفاته تطوير زراعة البن وتنميته، ودعمت 30 ألف مزارع.
وبيَّن أن الوزارة بدأت بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع تقديم المساعدة الفنية لصغار المزارعين في منطقة جازان بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية “إيفاد”، لتعزيز إنتاج محصول البن في المدرجات الزراعية عبر إنشاء 60 مزرعة نموذجية للبن، بهدف تعزيز الأمن الغذائي في المناطق الريفية، وزيادة الإنتاج الزراعي، والاستفادة من مصادر المياه المتجددة، وتعزيز الإنتاجية والربحية للمزارعين.
وأفاد العيادة أن العمل التنفيذي في المشروع تضمن زراعة شتلات حديثة بالطرق العلمية الصحيحة، وتطبيق برامج مكافحة وتسميد متطورة، إضافة إلى تحديد شبكات الري الحديثة، وتطبيق نظام الممارسات الزراعية الجيدة، واستخدام مؤشر جغرافي لمحصول بُن جازان (G1)، والذي يعرف بأنه شهادة تستخدم للسلع التي بها منشأ جغرافي معين، وسمات أو سمعة أو خصائص تنتسب أساساً إلى ذلك المنشأ.
المصدر: الرياض