السعوديون والمستثمرون ينتظرون مشاريع عملاقة تضخ الحياة في الميزانية العامة
صحيفة كل الصحف – راشد العثمان
ينتظر المواطنون السعوديون والمستثمرون المحليون والعالميون إعلان المملكة ميزانيتها العامة خلال الأسابيع المقبلة، متطلعين إلى حلول العام 2019م الذي سيشهد البدء ومواصلة العمل، في مشاريع أطلقت خلال الأشهر الماضية وخصصت لها استثمارات خيالية تخطى مجموعها 685 مليار دولار.
وتلك المشاريع تعد الأضخم على مستوى العالم وتؤكد سير المملكة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020 و(رؤية المملكة 2030)، ومن أبرزها “نيوم” و”القدية” و”جدة داون تاون” و”البحر الأحمر السياحي العالمي”، إضافة إلى قطار الحرمين الذي أطلق قبل أسابيع صافرته وراح يجوب الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، خدمة للحجاج والمعتمرين.
فمن المقرر في الربع الأول من العام 2019م، وضع حجر الأساس لمشروع “جدة داون تاون” الذي أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة في سبتمبر أيلول الماضي.
ويركز المشروع الذي تقدر كلفته الإجمالية بنحو 18 مليار ريال، على إعادة تطوير الواجهة البحرية لـ”عروس البحر الأحمر” لتصبح ضمن أفضل 100 مدينة على مستوى العالم من حيث التجارة والسياحة، والسكن، والترفيه.
ويُتوقع أن تُفتتح المرحلة الأولى للمشروع الذي سيوفر 36 ألف فرصة عمل، في العام 2022م، على أن يستمر تنفيذ بقية المراحل على مدار عشر سنوات.
يُقسم المشروع الذي تتجاوز مساحته الإجمالية خمسة ملايين متر مربع، إلى مناطق بعضها مخصص للأنشطة الثقافية والترفيه والرياضة، وبعضها لأنشطة الأعمال والابتكار وخدمة أهداف التجارة والتسوق، وبعضها للسياحة والفنادق والمنتجعات، إضافة إلى منطقة الشاطئ والنشاطات البحرية. وكذلك يضم المشروع مسطحات تزيد على خمسة ملايين متر مربع لبناء 12 ألف وحدة سكنية تستوعب 58 ألف نسمة.
ومن المقرر في الربع الثالث من العام 2019م، وضع حجر الأساس لمشروع “البحر الأحمر السياحي العالمي” الذي يهدف إلى تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، على بُعد مسافة قليلة من إحدى المحميات الطبيعية شمال غربي المملكة.
وتبلغ مساحة المشروع الذي أطلق في أغسطس آب الماضي، 34 ألف كيلومتر مربع، على أن تنتهي مرحلته الأولى في الربع الأخير من العام 2022م.
ويتولى صندوق الاستثمارات العامة ضخ الاستثمارات الأولية مع فتح الباب لعقد شراكات استثمارية مع كبرى الشركات العالمية في المشروع الذي أطلق في أغسطس آب الماضي على أن تنتهي مرحلته الأولى في الربع الأخير من العام 2022م.
ويتوقع أن يُحدث المشروع البالغة مساحته 34 ألف كيلومتر مربع، نقلة نوعية ضخمة في قطاع السياحة في المملكة، عبر فتح بوابة البحر الأحمر أمام العالم لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة، بدون تأشيرات دخول، كما سيكون بمثابة مركز فريد للصحة، والاسترخاء، والترفيه.
وكان العام 2017م شهد الإعلان عن مشاريع عملاقة، إذ أطلق سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في نوفمبر تشرين الثاني، مشروع “نيوم” الذي يموله صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرون محليون وعالميون بنحو 500 مليار دولار.
ويعد “نيوم” أضخم مشروع سعودي ويقع شمال غربي المملكة، ويمتد بين ثلاث دول هي السعودية ومصر والأردن على مساحة تبلغ 26 ألفاً و500 كيلومتر مربع، ويطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كيلومتراً، وتحيط به من الشرق جبال يصل ارتفاعها إلى 2,500 متر.
ويهدف “نيوم” إلى الارتقاء بكثير من القطاعات وبالمستوى المعيشي للمواطنين، فيما ينتظر أن تتخطى مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حاجز الــ100 مليار دولار بحلول العام 2030م، وسط توقعات بأن يكون الناتج المحلي للفرد في هذه المنطقة الأعلى في العالم.
وفي أبريل نيسان 2017م، أعلن عن مشروع “القدية”، الذي يساهم صندوق الاستثمارات العامة في تنفيذه كمستثمر رئيس، إلى جانب مستثمرين محليين وعالميين. وتبلغ التكلفة التقديرية للبنية التحتية للمشروع 30 مليار ريال، ومن المقرر افتتاح المرحلة الأولى منه في العام 2022م.
ويهدف المشروع إلى إنشاء أكبر مدينة ترفيهية، وثقافية، ورياضية على مستوى المملكة والعالم أجمع على مساحة تبلغ 334 كيلومتراً، في منطقة القِدِيّة الصحراوية الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً من وسط العاصمة الرياض.
ويتضمن المشروع أربع قطاعات رئيسة هي: الترفيه، رياضة السيارات، الرياضة، الإسكان والضيافة، فيما يحتوي الجزء المخصص للترفيه على تجارب فريدة من شركات ترفيه عالمية ضخمة مثل “سكس فلاغز” (six flags).
تكمن أهمية المشروع في جذب المواطنين إلى السياحة الداخلية، وخفض نسبة إنفاقهم على السياحة الخارجية التي تجاوزت قيمتها 76 مليار ريال خلال العام الماضي فقط، فضلاً عن تنويع مصادر الدخل عبر رفع نسبة عوائد قطاع السياحة، وإنعاش قطاعي العقارات والمقاولات، وتوفير آلاف فرص العمل للمواطنين.
وكان شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي، شهد تدشين قطار الحرمين الذي يربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة مروراً بجدة ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ليختصر المسافة بينهما إلى 120 دقيقة، قاطعاً 450 كيلومتراً بسرعة 300 كلم في الساعة.
ويعد مشروع قطار الحرمين من أهم المشاريع التنموية في المملكة وأضخم مشاريع النقل العام في الشرق الأوسط، بكلفة إجمالية تجاوزت 60 مليار ريال.
ويهدف المشروع إلى تسهيل حركة المسافرين، خصوصاً في مواسم العمرة والحج، وتستغرق رحلته المباشرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة 120 دقيقة فقط، وتبلغ طاقته الاستيعابية 60 مليون راكب سنوياً؛ ويعتمد على تشغيل 35 مقصورة بسعة 417 مقعداً لكل واحدة.
ويتضمن المشروع خمس محطات للركاب في كل من: المدينة المنورة، ومدينة جدة، ومطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومكة المكرمة.
كل هذه المشاريع العملاقة وأخرى قادمة ستكون مورداً للإيرادات غير النفطية يصب في خزينة الدولة بما يحقق تنمية مستدامة وتوفير فرص عمل للمواطنين ورفع معدلات الدخل للفرد، وتعكس رؤية القيادة نحو صناعة مستقبل واعد، يشهد تنوعاً في مصادر الدخل القومي للبلاد، وتحسناً في بيئة الأعمال، وزيادة في معدلات الاستثمار وتحقيق الرخاء.