لم تر هتلر لكنها خدمته قسرًا

كان الزمن الفاصل بين وضع اللقمة في فمها ووصولها إلى معدتها بمثابة خنجر يقطع أحشاءها ويضرب لها موعدًا متجددًا مع الموت بأبشع طريقة.
هذا كان حال مارغو فولك، المرأة التي كانت تتذوق طعام القائد النازي أدولف هتلر قبل أن يأكله، ولكم كان صعبًا عليها أن تنتظر العذاب والموت مع كل وجبة.
لم تكن مارغو هي من اختارت تلك الوظيفة الشاقة، فلقد قادتها الصدف ومحن الحرب إلى اللجوء إلى بلدة في برلين بعد تجنيد زوجها في الجيش، لكن رئيس البلدية استغل ضعفها وحاجتها، وأجبرها بالقوة على خدمة هتلر.
كانت القواعد الصارمة تفرض ألّا ترى متذوقة الطعام هتلر، وهذا ما أكدته مارغو في تصريحات تداولتها تقارير، واسترجعت فيها ذكريات مؤلمة عن واحدة من أبشع المحطات في حياتها.
«لم أره قط»، تقول، «ومع ذلك كان عليَّ المجازفة بحياتي يوميًا من أجله، وكنتُ أنفجر باكية مثل الكلاب كلما ابتلعتُ لقمة وأدركتُ بعدها أنني ما زلتُ حية».
كانت حياتها اليومية بمثابة مواعيد متقطعة مع موت يتربص بها في كل قطعة طعام تضعها في فمها، وكانت تلك اللحظة مرعبة بالنسبة لها لدرجة أن دموعها كانت تنفجر من عينيها وهي تتفحص الأطباق أمامها وتتخيل السم المدسوس لهتلر في كل منها.
ولم تكن تلك المرحلة الأصعب في المأساة اليومية لابنة موظف السكك الحديدية، بل كان الأمرّ من كل ذلك هو حين تبتلع الطعام ويصل إلى معدتها، إذ كانت تشعر بأعراض التسمم في كل مرة رغم أن الطعام سليم.
كانت تتخيل أوجاعًا تمزق معدتها، وترتجف يداها لدرجة أنها كانت تصاب في أحيان كثيرة بنوبات شديدة من البكاء، الذي ينتهي بتقيؤ ما أكلته، وكان ذلك أسوأ ما يمكن أن يحدث، حيث ينهال الحراس عليها ضربًا.
وحتى حين تجبر نفسها على إظهار بعض الجلد وتحاول تقبل واقعها المرير، كان موت سيدات كثيرات أخريات يقمن بالمهمة نفسها يجدد فيها الرعب ويدفعها إلى الهروب بعيدًا، لكن الأبواب المغلقة في تلك البلدة الصغيرة كانت تقطع كل أمل بنجاتها.
المصدر: اليوم