العربية.نت:
أثار اكتشاف رواسب خام حديد هائلة في منطقة هامرسلي بغرب أستراليا دهشة الجيولوجيين، ليس فقط لحجمها الهائل، بل لما تكشفه عن التاريخ التكتوني العميق للأرض.
يقدّر حجم هذا الاحتياطي الهائل بنحو 55 مليار طن متري من خام الحديد عالي الجودة، ما يمنحه قيمة سوقية تتجاوز 5.7 تريليون دولار، وفقاً للأسعار العالمية الحالية. لكن الأهم من ذلك، أن هذا الاكتشاف يكشف عن أسرار جديدة حول كيفية تشكل الثروات المعدنية في باطن الأرض، ويقلب النظريات الجيولوجية رأساً على عقب.
لطالما اعتقد العلماء أن أغنى تكوينات الحديد في العالم نشأت خلال ما يعرف بـ”حدث الأكسدة العظيم” قبل نحو 2.2 مليار سنة. لكن دراسة جديدة نُشرت في دورية PNAS المرموقة، قادها باحثون من جامعتي كولورادو وأستراليا الغربية، كشفت أن التكوين الفعلي لهذا الكنز الحديدي حدث قبل 1.4 إلى 1.1 مليار سنة فقط، أي بعد مئات الملايين من السنين مما كان يُعتقد سابقاً.
أوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، ليام كورتني ديفيز، أن التكوين لم يكن نتيجة تفاعلات كيميائية بطيئة، بل جاء نتيجة نشاط تكتوني عنيف رافق تفكك القارة العملاقة “كولومبيا”، ما أدى إلى تدفق هائل للسوائل المعدنية في أحواض بحرية، مكوناً هذا الاحتياطي الضخم في فترة زمنية قصيرة نسبياً، بحسب ما نقله موقع “The Daily Galaxy”، واطلعت عليه “العربية Business”.
يقع الاكتشاف في قلب “كراتون بيلبارا”، وهي منطقة مستقرة جيولوجياً لطالما عرفت بثرواتها المعدنية. لكن ما يميز هذا الاكتشاف ليس فقط حجمه، بل نقاوته العالية، إذ يحتوي الخام اليوم على أكثر من 60% من الحديد، مقارنة بنسبة 30% عند تشكله.
وباستخدام تحاليل نظائر الأوزميوم، تمكن العلماء من تتبع التحولات الجيوكيميائية التي “نقت” الخام عبر العصور، مدفوعة بتغيرات مناخية وبحرية، وربما نشاط بركاني مكثف.
مع تداول أسعار الحديد عالمياً عند نحو 105 دولارات للطن، فإن هذا الاكتشاف قد يعزز مكانة أستراليا كأكبر مصدر للحديد في العالم لعقود قادمة. شركات التعدين الكبرى مثل “ريو تينتو” و”بي إتش بي” و”فورتسكو”، التي تنشط بالفعل في المنطقة، من المتوقع أن تكثف عملياتها بشكل كبير.
لكن الأثر الأوسع قد يكون في إعادة رسم خريطة التنقيب العالمية. فالدراسة تقدم نموذجاً تكتونياً جديداً يمكن أن يساعد في تحديد مواقع مشابهة في مناطق أخرى مثل كندا والبرازيل وجنوب إفريقيا.
من جانبه، قال البروفيسور ماركو فيورنتيني، أحد المشاركين في الدراسة: “إذا استطعنا ربط دورات القارات العملاقة بتكوين الثروات المعدنية، فنحن على أعتاب عصر جديد من التنقيب التنبؤي”.
المصدر: البلاد
