الذهب يترقب قرار الفيدرالي

الرياض – “الرياض”
يبدو أن الذهب وكأنه على مفترق تاريخي بين استمرار الصعود وتحذير من تصحيح محتمل، وبينما تشكّل التحركات الحالية فرصة للمضاربين، فالفخ للمطاردين لا يزال واردًا بشدة. الأسعار اقتربت من 3850–3680 دولارًا للأونصة تقريبًا، بعد أن سجل المعدن الأصفر ذروة جديدة قرب 3681.63 دولارًا أمس الاثنين، مما يدل على قوة دفع واضحة.
ويتذبذب الذهب حاليًا في نطاق ضيق حول هذه المستويات العليا، في انتظار إشارات من البنوك المركزية، وبشكل خاص القرار المرتقب من الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء.
وتوقعت رانيا جول كبير محللي الأسواق في XS.com- منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) أن يقلل الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما هو متوقع على نطاق واسع، مع احتمالية ضعيفة لخفض أكبر إنُما غير مرجّحة حاليًا نظرًا للبيانات الاقتصادية الأميركية التي لا تزال متناقضة؛ سوق العمل يرسل إشارات ضعف، ولكن التضخم ما يزال يُظهر بعض القوة والثبات.
فإذا تمّ خفض الفائدة مع توجيه نبرة متحفظة من جيروم باول، فذلك سيدفع الذهب إلى اختبار مستويات 3700–3750 دولارًا وربما إلى أعلى منها، ما لم تحدث مفاجآت سلبية في بيانات التضخم أو قوة مفاجئة لدعم الدولار الأمريكي.
بينما يترقب المستثمرون أيضًا سيتم مساءلة تأثيرات سياسات أخرى هذا الأسبوع: بنك كندا، وبنك إنجلترا، وبنك اليابان جميعها تتخذ قرارات قد تخلّ بحالة الاستقرار المؤقت التي عليها الذهب الآن. فأي مفاجأة في هذه القرارات—خصوصًا إذا جاء خطاب بنك إنجلترا أو اليابان متشدّدًا تجاه المخاطر التضخمية أو ضعف النمو—قد تؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في الدولار أو تحوّل في تدفقات رأس المال بعيدًا عن الذهب. ومن وجهة نظري، مجازفة المستثمرين تكمن في أن الذهب قد يُصاب برد فعل هبوطي سريع إذا ما جرّة السوق شعورًا بالمخاطر قلت أو البيانات الأمريكية جاءت أفضل من المتوقع.
كما أن التوترات الجيوسياسية تضيف عنصر دعم حقيقي للذهب. والنزاعات في أوكرانيا، التحركات الروسية، والمواجهة في الشرق الأوسط تجعل الذهب يظل ملاذًا آمنًا، مما يدفع المستثمرين للبحث عن تصفية بعض الأصول الأكثر خطورة والانتقال إلى السلع الآمنة. وهذا الدعم من الأزمات الخارجية قد يحمي الذهب من تراجعات كبيرة حتى لو كانت هناك تصحيحات فنية. ولكن يجب الانتباه: الشراء المفرط على الرسوم البيانية قصيرة المدى يعكس تراكماً للمخاطر؛ مؤشرات مثلRSI أو الـ EMAs تُظهر أن السوق في حالات تشبّع، مما قد يؤدي إلى ارتدادات فنية قبل أي اختراق قوي لأعلى.
وبناءً عليه، وجهة نظري هي أن الذهب ما يزال لديه فرصة جيدة لمواصلة الصعود على المدى المتوسط، ولعل المستوى 3700 دولار سيكون هدفاً أولياً بعد القرار الفيدرالي، وإذا جاءت التوجيهات متساهلة، فالامتداد إلى 3750–3800 دولار ليس مستبعدًا. ولكن من الضروري أن يكون المستثمر أو المضارب مرنًا: فأي إشارة من الفيدرالي أنها ستتريّث أو أن التضخم لم يُعالج بشكل مقنع يمكن أن تؤدي إلى هبوط إلى ما بين 3600–3650 دولار كمنطقة دعم قويّة، وربما دونها إذا جاءت صدمات خارجية أو مفاجأت في البيانات.
وفي النهاية، الذهب أمام فرصة قوية ولكنها محفوفة بالمخاطر ‒ المتداول والمستثمر الذكي فقط سيأخذ موقعه الآن مع إدارة مخاطره بدقة، بينما المطارد الذي يدخل متأخرًا قد يجد نفسه في فخ السعر المرتفع لاحقًا. والوقت الآن هو وقت قراءة الإشارات؛ قرارات الفيدرالي وسياسات البنوك المركزية الأخرى، مع الأرقام الاقتصادية القادمة، التي ستكون مفاتيح تحوّل الاتجاه.
المصدر: الرياض