اخبار كل الصحف

الروائح.. ذاكرة ومؤشر أمراض

يمكن للروائح أن تثير الذكريات والمشاعر العميقة، بل وتمثل مؤشراً مبكراً لبعض الأمراض، كما تشرح د.غايا ليبيديفا، اختصاصية أمراض الأنف والأذن والحنجرة.

توضح الدكتورة غايا ليبيديفا التأثير العميق للروائح على الذاكرة والعواطف البشرية، إضافةً إلى دورها الدقيق في التعرف على بعض الأمراض مثل السل والدفتيريا (الخناق) عبر رائحتها المميزة، موضحةً أن للروائح قدرة على استحضار مشاعر وذكريات حية حتى بعد مرور عقود طويلة، بفضل اتصال الجهاز الشمي الوثيق بمراكز الذاكرة والعواطف في الدماغ، كالحصين واللوزة الدماغية.

وتشير إلى أن فقدان حاسة الشم قد يؤدي إلى اضطرابات عقلية تتطلب تشخيصاً دقيقاً وعلاجاً متخصصاً. كما أوضحت أن الرائحة تلعب دوراً حاسماً في اختيار شريك الحياة، من منظور التوافق الجيني؛ إذ ينجذب الإنسان لا شعورياً إلى رائحة أشخاص يحملون جينات مختلفة عنه في مجمع التوافق النسيجي الرئيسي، ما يعزز التنوع المناعي للأبناء.

وإذا بدت رائحة الشريك المحتمل كريهة، فقد تكون مؤشراً على ضعف هذا التوافق.

وأكدت ليبيديفا أن الروائح تتفوق على غيرها من المحفزات الحسية في إثارة المشاعر والذكريات، إذ أن استنشاق رائحة معينة قد يطلق فوراً سيلًا من الذكريات وردود الفعل الفسيولوجية مثل تسارع ضربات القلب، تغير ضغط الدم، أو إفراز الهرمونات.

كما أشارت إلى أن استخدام المحفزات الشمية قد يكون مفيداً في التخفيف من أعراض الخرف، إذ يساعد استنشاق روائح مألوفة على تنشيط الروابط بين الذاكرة والمشاعر، مما قد يعين المرضى الذين يعانون من الضعف الإدراكي على استرجاع ذكرياتهم. غير أن هذه الطريقة تظل علاجاً مساعداً، نظراً لغياب الأدلة الكافية لاعتمادها كأسلوب علاجي رئيسي.

وتستعرض الطبيبة كيف كان الأطباء قديماً يعتمدون على روائح المرضى كأداة للتشخيص، وهي ممارسة تراجعت اليوم مع تقدم أساليب الفحص الحديثة. ومع ذلك، فإن بعض الروائح المنبعثة من المرضى لا تزال تدفعهم لمراجعة الطبيب، وعلى رأسها رائحة الأسيتون، التي قد تدل على الإصابة بداء السكري.

وتضيف ليبيديفا أن الرائحة الكريهة تنجم عن تراكم أجسام الكيتون، وهي نواتج ثانوية لعملية استقلاب الدهون، والأسيتون أحدها. ويمكن أن تظهر هذه الحالة أيضاً مع اتباع حمية الكيتو، عندما يقل تناول الكربوهيدرات ويعتمد الجسم على الدهون كمصدر رئيسي للطاقة، مما يؤدي إلى إنتاج الكيتونات.

وذكرت أن داء السكري قد يرافقه رائحة شبيهة برائحة التفاح الفاسد، خاصة عند انخفاض مستويات السكر في الدم، فيما قد تدل رائحة الخل على الإصابة بمرض السل، أما رائحة اللحوم المتحللة فقد ترتبط بانهيار الأورام السرطانية.

كما بينت الطبيبة أن رائحة السمك المنبعثة من الجلد قد تشير إلى اضطرابات أيضية أو تغيرات في مكونات البكتيريا المعوية، فيما ترتبط رائحة كريهة معينة بمرض الدفتيريا. وشددت على أن ظهور رائحة غير طبيعية سواء من الفم أو الجسم يستوجب مراجعة طبيب مختص، رغم أن العديد من الأمراض يمكن تشخيصها من خلال أعراض سريرية أوضح.

المصدر/ اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى