تأثير المناخ على تنوع البحار

في أعماق البحار، حيث الغموض والضغط العالي الذي تتحمله أنواع مميزة من الكائنات البحرية، تحتضن تلك الأعماق السحيقة في طياتها تاريخ الأرض، ولديها الكثير من القصص التي يمكنها إخبارنا إياها.
وفي أغلب الأحيان تركز الدراسات على التغيرات المناخية قصيرة المدى في تلك الأعماق. وهذا دفع مجموعة بحثية بقيادة الدكتور “مورياكي ياسوهارا”، الأستاذ المساعد في جامعة هونغ كونغ؛ للبحث في التغيرات المناخية طويلة المدى، وذلك عبر فحص عينات لرواسب من نوى الجليد يعود عمرها لنحو 500 ألف سنة مضت؛ لفهم كيفية تطور النظم البيئية في أعماق المحيط المتجمد الجنوبي.
وركز الفريق البحثي على عاملين: التغيرات الحاصلة في درجات الحرارة ومدخلات الغذاء، وكيف أثرت على تشكيل تلك الأنظمة.
ووجدوا أنّه بعد “حدث ميد برونهيز” (Mid-Brunhes event)، وهو تحول مناخي حدث قبل 430 ألف عام مضى، حدثت العديد من التغيرات في النظام البيئي البحري؛ فقبله كان النظام البيئي في المحيط الجنوبي مختلف عن النظام بعده؛ إذ كان المحيط الجنوبي وقتها يفتقر إلى المكونات الحيوانية في أعماق البحار.
وهذا يعني حدوث بعض الاختلافات في التنوع البيولوجي نتيجة ذلك الحدث المناخي. وعليه؛ توّصلوا إلى أنّ التغيرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية قد تؤثر سلبًا على طبيعية الدورة العالمية للمياه في المحيط الأطلسي وتمر إلى المحيط الجنوبي ومنه إلى المحيط الهادئ، وتتأثر أيضًا مدخلات الغذاء، ما قد يؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي في الأعماق.
ونشر الباحثون دراستهم في دورية “كارنت بيولوجي” (Current Biology) في 19 ديسمبر/كانون الأول 2024.
بالنسبة لعلماء الأحياء، فهو أحد أكثر النظم البيئية نقاءً على كوكبنا. ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه بعيد (بالإضافة إلى غطاء الجليد البحري والبحر الهائج)، ويصعب الوصول إليه.
هذه الطبيعة النائية للمحيط الجنوبي تعني أننا لا نملك سوى معرفة محدودة بالنظام البيئي والتنوع البيولوجي للمحيط الجنوبي. وعلى الرغم من ذلك، فإننا نفهم بشكل أفضل بشكل متزايد التنوع البيولوجي في أعماق البحار في المحيط الجنوبي وهو مرتفع جدًا وفقًا للدراسات في هذا القرن.
هذا التنوع البيولوجي المرتفع غير متوقع حيث يكون التنوع البيولوجي منخفضًا عادةً في البحار القطبية الباردة. أيضًا، من الناحية المناخية/المحيطية، يعد المحيط الجنوبي منطقة رئيسية بسبب تكوين المياه العميقة هناك والموقع الجغرافي الذي يربط المحيط الأطلسي والهندي والهادئ.
المصدر: اليوم