تغير المناخ يعطل سلاسل الإمداد العالمية

يتسارع تغير المناخ، ومعه يزداد تكرار وشدة الأحداث المناخية المتطرفة، مما يؤثر بدوره على الاقتصاد حيث يتم تدمير السلع ورأس المال الإنتاجي والعقارات والبنية التحتية.
وأفاد تقرير نشره موقع مركز أبحاث السياسات الاقتصادية ومقره لندن إنه مع تزايد شدة الأحداث المناخية وزيادة تكرارها وانتشارها جغرافيًا فإن تأثيراتها الاقتصادية الكلية ستتزايد في الأجلين القصير والطويل. لكن لن تؤثر كل الأحداث على الاقتصاد بنفس الطريقة.
فمع تغير المناخ العالمي، نشهد بشكل متزايد أحداثًا مناخية شديدة مثل موجات الحرارة، والانهيارات الأرضية، والفيضانات، والحرائق البرية، والعواصف، بالإضافة إلى الأحداث المناخية المزمنة مثل ارتفاع مستويات البحار وارتفاع درجات الحرارة المتوسطة.
واعتبر التقرير أن مدى تأثير الأضرار المادية على الاقتصاد والمالية يعتمد على عدة عوامل. أولاً، طبيعة ونوع المخاطر. فبعض المخاطر، مثل العواصف والفيضانات، هي ذات مدة قصيرة لكنها قد تتسبب في دمار مادي واسع النطاق وطويل الأمد. بينما المخاطر الأخرى، مثل الجفاف، تتطور بشكل بطيء وقد يستغرق الأمر شهورًا حتى تتضح مدى الأضرار الحقيقية.
ثانيًا، مستوى النشاط الاقتصادي في المكان الذي يحدث فيه. يشمل هذا القيمة الإجمالية للأصول (مثل رأس المال المنتج، والبنية التحتية، والمساكن) والعناصر الاجتماعية والاقتصادية (مثل السكان والوظائف) التي تكون معرضة للخطر. ثالثًا، مدى تعرض الأصول والنشاط الاقتصادي للأحداث المادية، والذي يعكس جودة البناء، والاستعداد للكوارث، وقدرة الاستجابة.
وغالبًا ما يكون جانب العرض من الاقتصاد هو المكان الذي يتم فيه اختبار التأثير الفوري للمخاطر المادية، حيث يتم تدمير السلع ورأس المال الإنتاجي والعقارات والبنية التحتية بشكل مادي.
ويعتمد مدى واستمرارية الانخفاض في الإنتاج جزئيًا على كيفية تأثير المخاطر المادية على استخدام رأس المال المادي في المنطقة المتأثرة. فعلى سبيل المثال، قد يتسبب الإعصار في تدمير مصنع، مما يتطلب إعادة بناء لكي يتم إعادة استخدامه، في حين أن الجفاف الذي يحد من الوصول إلى المياه اللازمة يعيق الإنتاج خلال فترة الخطر ولكن ليس بعده.
وتشمل الآثار على العمل تهجير العمال وفقدان الوظائف التي قد تنجم عن تدمير المساكن أو رأس المال المادي، مما قد يقلل من عرض العمل أو الإنتاجية. ويمكن أن تؤثر المخاطر المادية أيضًا على الإنتاجية الإجمالية للعوامل (TFP)، على الرغم من أن قياس هذا الأمر أصعب.
كما يمكن أن تؤثر الكوارث على سلاسل الإمداد الوطنية والدولية والتجارة بما يتجاوز الانخفاض في الإنتاج الحالي والمستقبلي في المنطقة المتأثرة. على سبيل المثال، شهد نهر الراين في أوروبا مستويات مياه منخفضة للغاية في جفاف الصيف الماضي، ووجد باحثون أنه في شهر يحتوي على 30 يومًا من المياه المنخفضة، ينخفض الإنتاج الصناعي في ألمانيا بنسبة تقارب 1%.
ويرجع ذلك إلى أن الشحن عبر الممرات المائية الداخلية في ألمانيا، على الرغم من أنه يشكل جزءًا صغيرًا من إجمالي وسائل النقل، إلا أنه يشكل حصة كبيرة من نقل السلع الصناعية مثل الفحم والكيماويات، مع تأثيرات تتسلسل إلى أعلى في سلسلة الإنتاج.
المصدر: المرصد