آثار الكويت تكشف حضارات قديمة
تختبئ على أرض دولة الكويت وتحت رمالها، قصص وأسرار حضارات تمتد جذورها إلى آلاف السنين.
وتشهد هذه القصص على إرث تاريخي وحضاري زاخر جعل من هذا البلد مفتاحا ذهبيا لفهم تاريخ المنطقة وربط حاضرها بماضيها.
وتحتضن الكويت سجلا غنيا بالاكتشافات الأثرية للحضارات القديمة التي تعاقبت على استيطان أرضها على مدى التاريخ، بما يعكس دورها المحوري واستراتيجية موقعها الجغرافي ويجسد مركزيتها في التواصل بين الحضارات وتبادل الثقافات.
ويتناول هذا التقرير الذي تنشره “وام” بالتعاون مع اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، والذي أعدته وكالة الأنباء الكويتية، ضمن نشرتها الثقافية، البدايات الأولى للبعثات الأثرية في الكويت التي تعود إلى العام 1958 الذي شكل علامة فارقة في انطلاق الاستكشافات الأثرية عبر البعثة الدنماركية التي شدت رحالها إلى الكويت بعد تلقيها دعوة من الحكومة الكويتية في العام 1957؛ إذ توالت منذ ذلك التاريخ برامج المسح والتنقيب الأثري على أرض الكويت وجزرها لتضع كنوز اكتشافاتها المتلاحقة على الخارطة الحضارية للمنطقة وتقدم دليلا إرشاديا لثقافات ومدن ومجتمعات منذ بدء استقرار الإنسان على أرضها في نهاية الألف السادس قبل الميلاد.
وتعد جزيرة فيلكا التي يعتقد أنها كانت تحمل اسم (أجاروم) قديما من أبرز المواقع الأثرية في البلاد، حيث ارتبطت ارتباطا وثيقا بحضارة دلمون القديمة ولعبت دورا حضاريا محوريا في تلك الفترة بسبب وقوعها على الطريق التجاري البحري العالمي الذي يربط حضارات بلاد الرافدين وحضارات جنوب شبه الجزيرة العربية.
وتكشف الجزيرة الممتدة على مسافة 12 كيلومترا طولا و6 كيلومترات عرضا، عن مستوطنات متكاملة ترجع إلى الفترة المبكرة من الألف الثاني قبل الميلاد تشمل دورا سكنية ومعبدا وموقع قصر الحاكم، علاوة على مستوطنة أخرى تطل على ميناء طبيعي يعتقد أنه الميناء القديم للجزيرة.
وشهدت فيلكا مع مرور الزمن، تقلبات في دورها الحضاري حيث تعرضت للتأثير الهلنستي بعد سقوط حضارة دلمون؛ إذ كشفت أعمال التنقيب الأثري عددا من المستوطنات التي ترجع إلى تلك الفترة كالقلعة الهلنستية الفريدة في منطقة الخليج العربي وما تضمه من أبراج مراقبة ومعابد ومبان سكنية إضافة إلى خندق يحيط بها من الخارج.
ويعود أول الآثار التي اكتشفت على الجزيرة إلى عام 1937 وهو عبارة عن قطعة من الحجر كتب عليه باللغة اليونانية (سوتيلس المواطن الأثيني والجنود قدموا هذا إلى زوس سوتر المخلص وإلى بوزيدون وإلى آرتميس المخلصة).
أما منطقة الصبية الواقعة في شمال جون الكويت، وتحديدا في شبه جزيرة طبيج، فقد أصبحت محط أنظار بعثات التنقيب الأثرية العالمية حيث كشفت عن حضارات موغلة في القدم ومواقع أثرية تعود لحضارة العبيد خلال الفترة الممتدة من 4500 إلى 5500 قبل الميلاد.
وأظهرت هذه المواقع مستوطنات يتكون كل منها من عدد من الحجرات المتجاورة كما تم العثور على مدافن ركامية وأدوات حجرية تعود إلى العصر الحجري الحديث (النيوليثي) تشمل رؤوس السهام والفؤوس الحجرية.
وتشير اللقى الأثرية التي عثر عليها في هذه المواقع إلى نشاط بحري كبير مع بعض المراكز الحضارية القريبة وهو ما دل عليه العثور على نموذج من الطين لأقدم قارب بحري.
كما أظهر التنقيب في منطقة تل البهيته الواقعة في مدينة الكويت اكتشافات مهمة لمستوطنات يبلغ عمرها نحو ثلاثة قرون تتمثل في مجموعة من الأحياء القديمة وتحوي آثارا نادرة منها عملات وبقايا منازل وأدوات فخارية علاوة على آثار السور الثاني للكويت الذي يدل على فترة تأسيس المدينة في القرون الفائتة.
المصدر: اليوم