المخاريط الجذرية تكشف أسرار المريخ
تُعد المخاريط الجذرية الزائفة واحدة من أكثر الظواهر الجيولوجية إثارة في عالم البراكين.
لكن هذه المخاريط ليست نتاج الانفجارات البركانية التقليدية التي تحدث عند صعود الحمم من باطن الأرض.
هذه التكوينات البركانية الصغيرة، التي قد يتراوح حجمها من عدة أمتار إلى مئات الأمتار، تتشكل بفعل تفاعلات عنيفة بين الحمم السطحية والمياه الموجودة في الأنهار أو البحيرات، ويحدث ذلك عندما تغطي الحمم البركانية طبقة تحتوي على المياه، مما يؤدي إلى حدوث انفجارات.
على الرغم من ندرة هذه المخاريط في العديد من مناطق العالم، إلا أن أيسلندا تضم عددا كبيرا منها، بينما تتواجد أمثلة صغيرة على طول سواحل جزيرة هاواي الكبرى، المثير للدهشة هو أن العلماء اكتشفوا حقولا شاسعة من هذه المخاريط على سطح المريخ، مما جعل آلية تشكُّلها محورا رئيسيا في دراسة الجيولوجيا الكوكبية.
مؤخراً، قام البروفيسور المساعد “رينا نوجوتشي” وطالبه “واتارو ناكاجاوا” من جامعة نييغاتا اليابانية بإجراء تجارب محاكية داخل المختبر لفهم كيفية تكوين هذه المخاريط الجذرية الزائفة، ونُشرت نتائج هذه التجارب في مجلة أبحاث البراكين والطاقة الحرارية الجوفية.
استخدم الباحثون مكونات المطبخ مثل شراب النشا الساخن كمحاكاة للحمم البركانية، وخليطاً من بيكربونات الصوديوم وشراب الكيك لمحاكاة الطبقة المحتوية على المياه.
وفي الطبيعة، تتجاوز درجة حرارة الحمم البركانية 1000 درجة مئوية، مما يؤدي إلى تبخير المياه وانفجارها بشكل عنيف، لكن شراب النشا لا يصل إلى هذه الدرجة، مما دفع الباحثين إلى استخدام تحلل بيكربونات الصوديوم لتعزيز التفاعل، حيث تطلق الصودا ثاني أكسيد الكربون عند تسخينها، مما يؤدي إلى تشكل رغوة تحاكي الانفجارات البركانية.
خلال التجربة، لاحظ الباحثون أن الأنابيب (الممرات البركانية) غالبا ما تفشل في الحفاظ على هيكلها بسبب التداخل مع الأنابيب المجاورة. وقد أظهرت الدراسة أن هذا التنافس بين الأنابيب، بالإضافة إلى التنافس على الماء، يلعب دورا حاسما في تحديد توزيع هذه المخاريط على سطح الأرض والمريخ.
وكلما كانت طبقة الحمم أكثر سمكا، زاد التنافس بين الأنابيب، مما يؤدي إلى فشل عدد أكبر منها، وهو ما يتطابق مع ما لوحظ على المريخ حيث يرتبط سُمك الحمم بتشكل عدد أقل من المخاريط الجذرية، وفي المقابل، في البيئات ذات الأنابيب الوفيرة، تقل الانفجارات نتيجة قلة توفر الماء، مما يؤدي إلى تكون مخاريط أصغر.
وأكدت التجارب أن عملية دمج الأنابيب أو انفصالها بفعل سماكة الحمم تؤثر بشكل مباشر على حجم وتوزيع المخاريط الجذرية الزائفة، سواء على الأرض أو على المريخ، وهذه النتائج تقدم فهما أعمق لتشكل هذه المخاريط على كوكبنا، كما تفتح آفاقا جديدة لفهم الظواهر الجيولوجية المماثلة على الكواكب الأخرى.
وفي المستقبل، يخطط الفريق لإجراء دراسات ميدانية متكاملة باستخدام بيانات الاستشعار عن بعد، بهدف تطوير نماذج أكثر دقة لتشكل المخاريط الجذرية وتحليل الظروف البيئية التي أسهمت في تكوينها.
المصدر: اليوم