مخاوف من تطبيق الأحكام العرفية في أمريكا
أزمة سياسية دستورية تعيشها كوريا الجنوبية بعد إعلان الرئيس الأحكام العرفية لفترة وجيزة، تثير تساؤلات حول تكرارها بدول أخرى بينها أمريكا.
وأعلن رئيس كوريا الجنوبية الأحكام العرفية لفترة وجيزة أمس حيث علق الحقوق المدنية، وحاصر البرلمان بالجنود ووضع وسائل الإعلام تحت سيطرة الحكومة، لكن المشرعين تحركوا بسرعة لإلغاء القرار الذي تراجع عنه الرئيس في النهاية.
هذه الأزمة أثارت تساؤلات في الولايات المتحدة حول إمكانية حدوثها في البلاد، خاصة أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سبق وأثار فكرة استخدام الأحكام العرفية في ولايته الأولى للبقاء في السلطة بعد هزيمته في انتخابات 2020. كما أنه أرسل الحرس الوطني لتفريق المتظاهرين المطالبين بالعدالة العرقية.
وخلال حملته الانتخابية، قال ترامب إنه لن يكون ديكتاتوراً إلا في “اليوم الأول” من ولايته الثانية، وذلك “لإغلاق الحدود” و”الحفر”. كما اقترح استخدام الجيش ضد “العدو من الداخل”، وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
ورغم انتقاد ترامب لوسائل الإعلام وبعض معارضيه السياسيين خلال ولايته الأولى، إلا أنه لم يعلق الحريات المدنية رسميًا، كما فعل رئيس كوريا الجنوبية.
وبينما وضع حلفاؤه خططا لاستدعاء الجيش في ولايته الثانية لقمع الاحتجاجات، قال المتحدث باسم الرئيس المنتخب إن ترامب “كان دائما من المدافعين عن القانون والنظام وحماية الدستور”.
ويرى خبراء الدستور أن هناك بعض أوجه التشابه وبعض الاختلافات بين ما حدث في كوريا الجنوبية وما قد يحدث في الولايات المتحدة التي تبدو الأحكام العرفية فيها مختلفة، على حد قول واشنطن بوست.
وتعني الأحكام العرفية أن يصبح الجيش مسؤولاً عن الحياة اليومية وتدير القوات المسلحة المحاكم وتفرض حظر التجول لإبقاء الناس في منازلهم. ومن المفترض أن تستخدم في حالات الطوارئ مثل الحرب أو الغزو أو الاضطرابات الوطنية.
وفي نهاية ولاية ترامب الأولى قالت راشيل كلاينفيلد، خبيرة الأمن القومي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لـ”واشنطن بوست” إن الأحكام العرفية، “أشياء خطيرة فيما يتعلق باللعب بها.. لا يمكنك تطبيع العمل خارج نطاق القانون والاعتقاد بأن الديمقراطية ستصمد.. الديمقراطيات هشة، حتى في بلدنا”.
وأضافت “إذا كان لديك أحكام عرفية.. لديك تعليق كامل للدستور.. لذا فهذا انقلاب”.
وفي الماضي، تم استخدام الأحكام العرفية عشرات المرات من قبل حكام الولايات. لكن استخدمها الرؤساء بضع مرات فقط. وكانت معظم الولايات الكونفدرالية السابقة تحت الأحكام العرفية لعدة سنوات بعد الحرب الأهلية قبل قرون.
واليوم، يتمتع الحكام بسلطة إعلان الأحكام العرفية في ولاياتهم، لكن العديد من خبراء القانون يقولون إن الرئيس لا يتمتع بهذه السلطة. ولم تفصل المحكمة العليا أبدا فيما إذا كان بإمكان الرئيس إعلان الأحكام العرفية دون موافقة الكونغرس.
وفي هذا الإطار، قال ديفيد ألكسندر باتمان، خبير القانون الدستوري في جامعة كورنيل “لا يوجد حقًا أحكام عرفية في الولايات المتحدة”.
ومع ذلك يمكن للرؤساء استخدام أدوات أخرى للحد من الحريات المدنية وقد تم استخدامها في الماضي، بما في ذلك خلال ولاية ترامب الأولى. وتشمل هذه الأدوات تعليق أمر المثول أمام القضاء و الاستعانة بقانون التمرد واستخدام الحرس الوطني لإخلاء الشوارع.
وبالنسبة لتعليق أمر المثول أمام القضاء، فهو إجراء يمكن أن يقلل بشكل جذري من الحماية القانونية اليومي.
وينص الدستور على أنه لا ينبغي تعليق أمر المثول أمام القضاء إلا “عندما تتطلب السلامة العامة ذلك في حالات التمرد أو الغزو”. وتم تعليقه بالفعل بعد أحداث 11/9 عام 2001، وذلك بالنسبة للسجناء المحتجزين في معتقل جوانتانامو.
ومن المفترض أن يكون للكونغرس رأي في هذا، لكن الرئيس الراحل أبراهام لينكولن اتخذ هذا الإجراء أثناء الحرب الأهلية بسلطته الخاصة.
المصدر: العين