الإمارات تعزز النظام التجاري العالمي.

أكدت منظمة التجارة العالمية دور دولة الإمارات في بناء نظام تجاري عالمي حيوي ومستدام من خلال دعم مبادرات المنظمة وتعزيز العلاقات الدولية باستضافة المؤتمر الوزاري الأخير للمنظمة في فبراير/شباط الماضي.
وقال المتحدث باسم المنظمة إسماعيل ديينغ، إن دولة الإمارات تواصل القيام بدور نشط وإيجابي في مداولات منظمة التجارة العالمية، مؤكداً أن العلاقة بين الطرفين تعمقت بفضل التعاون الوثيق والدعم الذي أظهرته دولة الإمارات العربية المتحدة في تحمل المسؤولية الكبيرة المتمثلة في استضافة مؤتمرنا الوزاري الثالث عشر في وقت سابق من هذا العام.
وأكد ديينغ إن المنظمة ممتنة للدعم الذي أظهرته دولة الإمارات العربية المتحدة لمبادراتها مثل اتفاقية دعم مصايد الأسماك، والتي صدقت عليها الإمارات العام الماضي، ونأمل أن تشجع قيادتها في هذا الشأن المزيد من أعضاء منظمة التجارة العالمية على تفعيل هذه الاتفاقية المهمة لاستدامة المحيطات قريبا. جاء ذلك في حوار خاص لـ”العين الإخبارية”.
في البداية.. كيف ترى أهمية الدور الفاعل لدولة الإمارات في التجارة العالمية؟
عند مراجعة السياسة التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة الصادرة في أواخر عام 2022، لاحظنا استراتيجية الحكومة طويلة المدى لتحويل دولة الإمارات العربية المتحدة إلى اقتصاد قائم على المعرفة، وصاحب هذه الاستراتيجية إدخال تدابير لتحسين سيادة القانون وتحديث البيئة الاقتصادية، وإزالة قيود الملكية على الاستثمار الأجنبي في العديد من القطاعات. وأدى ذلك إلى تحسين تصنيف دولة الإمارات في العديد من المؤشرات العالمية والإقليمية، بما في ذلك سهولة ممارسة الأعمال، والكفاءة والاستقرار المالي، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
كما لاحظنا التزام دولة الإمارات القوي بالنظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد ومشاركتها النشطة في مفاوضات منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك المتعلقة بالتجارة الإلكترونية وتسهيل الاستثمار.
ويساهم ذلك كله في خلق بيئة تجارية أكثر ملاءمة لكل من الشركات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها والتجار الدوليين، وهو ما سيساعد بلا شك في تحقيق الدولة لأهدافها الاستراتيجية.
كيف يمكن أن تسهم التجارة الخضراء في مواجهة تداعيات تغير المناخ؟
أذكر الدعوات المتكررة للمديرة العامة المنظمة نجوزي أوكونجو إيويالا، في مناسبات عديدة، حول مستقبل التجارة الخضراء وهو أمر لا مفر منه، نظرا لأن تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات التي تواجه الإنسانية، فإننا نرى آثاره أمام أعيننا.
إن تغير المناخ يشكل تهديدا وجوديا، وللتجارة دور حاسم تلعبه، ولمواجهة التحدي المتمثل في الانتقال إلى صافي الانبعاثات صِفر بحلول منتصف القرن، نحتاج إلى أسواق عالمية مفتوحة ويمكن التنبؤ بها لضمان القدرة على الوصول إلى التكنولوجيات بأسعار معقولة.
والحقيقة أن التجارة الموسعة تعمل أيضا على تعزيز النظم الغذائية العالمية المستدامة وإيجاد سلاسل التوريد المرنة. فمن دون التجارة، لن تتمكن من إزالة الكربون، لأنه من دون ذلك لن تكون هناك إمكانية لنشر التكنولوجيات المطلوبة على نطاق واسع من مكان إلى آخر وخفض التكاليف.
ونؤكد في هذا الصدد على فوائد الاستدامة المترتبة على النظام التجاري المفتوح، إذ أصبح الانخفاض الحاد في أسعار أنظمة الألواح الشمسية منذ عام 2001 ممكنا بفضل الوفورات الناتجة عن التجارة الدولية والمنافسة وسلاسل التوريد العالمية.
ومن خلال خفض الحواجز الجمركية والتنظيمية أمام التجارة في السلع والخدمات البيئية، يمكننا خفض التكاليف بشكل أكبر وتسريع نشر الطاقة النظيفة على نطاق أوسع.
هناك العديد من القضايا المستعصية منها الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح التجارة الزراعية.. ما خطتكم للتغلب على ذلك؟
هناك العديد من القضايا التي يصعب كسرها، تغير المناخ مثلا، يشكل تحديا يمكن معالجته من خلال تسخير التجارة كجزء من الحل. أما عن الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن إصلاح التجارة الزراعية، فقد كنا نتفاوض بشأن الزراعة منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وهذا الفشل يضر بمصداقية المنظمة، خاصة في ضوء أزمات الأمن الغذائي المتعددة التي يواجهها العديد من الأعضاء نتيجة لتغير المناخ والحروب وغيرها من التشوهات.
والتوصل إلى اتفاق كان قريبا في المؤتمر الوزاري الثالث عشر بشأن برنامج عمل لدفع المحادثات إلى الأمام، ونحن بحاجة إلى البدء في التركيز على ما يمكننا تحقيقه في مؤتمرنا الوزاري المقبل في الكاميرون.
ويعتقد أعضاء المنظمة أن الحد من التشوهات في قطاع الزراعة وتعزيز الإنتاجية بشكل تنافسي من شأنه أن يسهم بشكل كبير في تحقيق أهدافهم المتعلقة بالأمن الغذائي.
أمر آخر هو التجزئة، كيف يمكن مواجهة الضغوط الناشئة عن المخاوف الجيوسياسية؟
هناك ضغوط متزايدة على الشركات لإعادة توطينها، وعلى تعديل سلاسل التوريد الخاصة استجابة للمخاوف الجيوسياسية المتزايدة.
ولم نشهد تراجعا واسع النطاق خلف الحدود الوطنية، إلا أننا نرى أن التجارة بين الكتل المتشابهة تنمو بشكل أسرع من التجارة عبر هذه الكتل.
فعلى سبيل المثال، نمت التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين بشكل أبطأ بنسبة 30% منذ عام 2018 مقارنة بتجارتهما مع بقية العالم. كما يتجه الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل متزايد نحو الاقتصادات التي يُنظر إليها على أنها صديقة.
وتشير تقديرات خبراء الاقتصاد لدى المنظمة إلى أن فصل الاقتصاد العالمي إلى كتل جيوسياسية من الممكن أن يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 5% في الأمد البعيد، مع خسائر أكبر تتكبدها البلدان النامية والأقل نمواً.
كما أرى أن تجزئة تدفقات البيانات في قطاع واحد فقط من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الصادرات العالمية بنسبة 1.8% والناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 1%.
ولمنع ذلك، يتعين علينا أن ندافع عن النظام التجاري المتعدد الأطراف ومنظمة التجارة العالمية ونعززهما من أجل إبقاء الحواجز التجارية منخفضة وغير تمييزية ويمكن التنبؤ بها.
المصدر: سكاي