اخبار كل الصحف

بلادي.. مجّدي لخالق السماء 2-3

كتبه: فواز بن محمد آل داوود

عند قراءة عابرة للأحداث منذ مطلع القرن العشرين، يظهر للقارئ مقدار هائل من التهديدات والتحديات الكبيرة التي زالت بتوفيق الله ثم بعزيمة الملك المؤسس رحمه الله وإخلاص رجاله الأوفياء ودعم شعبه المتطلع للنماء والرخاء والمكلل بالدعاء والمشاعر الفيّاضة..
فالقوى المحيطة كانت تتأهب للانقضاض على أي نجاح للقضاء عليه، وقوى الجهل والظلام تتربص بأي جهد مخلص لإفشاله، والشح في الموارد، والواقع الصعب الذي ربما غاب عن أهله ضوء في آخر نفق الخلاص.. كلها كانت موجودة ومع ذلك سارت قافلة النجاح متجاوزة لتلك التحديات، خطوة.. خطوة.. حتى تحقق الهدف..
ثم بعد تحقق وحدة الكلمة وترسيخ كيان الدولة في هذا التاريخ المجيد (اليوم الوطني) عام 1351هـ، بدأت رحلة أخرى من الكفاح لتعزيز النجاح، حتى وصلنا اليوم لما نحن فيه بفضل الله ثم بجهود القادة الأبطال من أبناء الملك المؤسس والرجال المخلصين، حيث بدأ قبل ذلك تحديث واستقرار المجتمع وتوفير احتياجاته الأساسية كمياه الشرب والغذاء والطبابة والتعليم، ثم بناء مؤسسات الدولة كمجلس الشورى ومجلس الوكلاء (الوزراء في ذلك الوقت) ووزارة المالية ومؤسسة النقد والأمن. حتى وصلنا اليوم بفضل الله إلى مكانة سياسية عظيمة إقليمياً ودولياً، فقد شاركت المملكة في تأسيس منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، وانظمت المملكة لمجموعة العشرين، وتقدمت في المجال التعليمي انتشاراً وجودةً، وفي المجال الطبي، والأبحاث العلمية وبراءات الاختراع، وفي المجال الصناعي والعسكري والمالي والاقتصادي، وفي مجال البنية التحتية والاتصالات والحكومة الالكترونية، وتقدمت في مجالات حقوق الإنسان ومكافحة الفساد والشفافية، وهي سائرة في طريق تحقيق المزيد والمزيد من مؤشرات التفوق والنجاح والوصول لأفضل المعايير الايجابية في كل ما سبق وفي غيره. ولإدراك مستوى التقدم الذي تم إحرازه يمكننا إجراء مقارنة يسيرة بين الدول والمجتمعات التي كانت مضرب المثل في التقدم والتطور الاجتماعي والمادي من حولنا في مطلع القرن العشرين، ستجد أن منهم من فرّط في مكتسباته العظيمة بفعل ممارسات سلبية قضت على الأخضر واليابس حتى وصل واقعهم لدرجة قريبة من الفناء والاضمحلال.!! لأنه نُسي الدرس الأول في بناء الأوطان: (الإخلاص في العمل الموحِّد، الذي يحفظ الحقوق)، ثم ساروا في طريق الكذب والإفساد والتفرقة وتضييع الحقوق، فصارت دول ومجتمعات (كانت متقدمة) تستغيث للحصول على لقمة العيش أو تستنجد لوقف الاقتتال الأهلي، بينما هي ترزح تحت أنغام الخطاب السياسي الأجوف. يصاحبه تنابز لافت بالألقاب، وأعمال لا يمكن أن تجد فيها إلا الاقتتال من أجل المصالح الفردية والحزبية الضيقة وربما العابرة للحدود، الخالية من المصلحة الوطنية.
نحن نلاحظ ذلك بينما نرى أن العمل البنّاء للإنسان والمجتمع لا يتوقف في بلادنا ولا يحدّ طموحه سقف، وفي قصص النجاح التي كتبت بعد الحرب العالمية الثانية لدول وشعوب كثيرة تعطي لكافة الناس دروساً في البذل والتضحية، والوقوف على الركام لبلوغ القمة دون التوقف كثيراً عند أطلال الماضي، كما أن تذكّر التاريخ وانجازات الأسلاف هو لشحذ الهمم وتقدير جهودهم والمحافظة على تلك المكتسبات وجعلها أساساً لبناءٍ جديدٍ ومستقبلٍ زاهرٍ، فالماضي بمره وحلوه قد مضى.. المهم هو المحافظة على المكتسبات والبناء عليها..
ونحن في (الذكرى التسعين لإعلان اسم المملكة العربية السعودية) هذه المناسبة الوطنية، نتذكر ما خلّف لنا أسلافنا في هذا الوطن الكبير الشامخ، من الإرث السامي الذي يتطلب منا جميعاً المحافظة عليه واتخاذه أساساً متيناً نبني عليه المستقبل ، إذ يستحق منا جميعاً أن نعمل بجدٍ متطلعين لغدٍ مشرقٍ بفضل الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى