أسواق كل الصحف

“جونسون” يواجه مطالب بإلغاء اتفاق “بريكست”

يواجه بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني مرحلة حافلة بالصعاب، وسط دعوات متصاعدة ومطالب بإلغاء اتفاق الخروج الذي أبرم مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدين أن ذلك الاتفاق يمنح بروكسل سلطات مؤثرة على لندن.
ووفقا لـ”رويترز”، أكد معهد بحثي مؤيد لانفصال بريطانيا بشكل تام عن الاتحاد الأوروبي، على إلغاء اتفاق الخروج الذي أبرم مع الاتحاد الأوروبي، قائلا إنه سيظل يعطي الاتحاد سلطة كبيرة في بريطانيا.
وسعت حكومة جونسون هذا الشهر إلى إقرار قوانين يمكن أن تلغي أجزاء من معاهدة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي وقعتها في كانون الثاني (يناير) على الرغم من تحذير بروكسل من أن القيام بذلك من شأنه أن يدمر علاقتهما في المستقبل.
لكن مركز سياسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قال إن هذا ليس كافيا لأن اتفاقية الانسحاب تسمح لبروكسل باستمرار تأثيرها بشأن قضايا مثل القانون ومساعدة الدولة في بريطانيا.
ويقول المركز إنه من أجل تعزيز النفوذ البريطاني يجب على الحكومة التهديد أيضا بفرض شروط عقابية على شركات منطقة اليورو التي ترغب في زيادة رأس المال للاستثمار في لندن.
وقال جون لونجورث المدير العام للمركز إنه يأمل أن يكون تقرير المركز بمنزلة دعوة لإيقاظ الوزراء مع عقد المفاوضين محادثات حول العلاقات في المستقبل خلال الأشهر الأخيرة قبل انتهاء الفترة الانتقالية لـ”بريكست” في 31 كانون الأول (ديسمبر) وخروج بريطانيا بشكل كامل من الاتحاد الأوروبي.
ومن المرجح أن يؤدي نشر التقرير إلى زيادة الضغط على حكومة جونسون حتى لا تتراجع عن موقفها المتشدد الذي اتخذته في المحادثات، كما يدعم المركز عديدا من النواب الرئيسين من عدة أحزاب سياسية في بريطانيا.
ووفقا لـ”الفرنسية”، يواجه جونسون مرحلة حافلة بالصعاب، مع زيادة الإصابات بكوفيد – 19 وتعثر المفاوضات المتعلقة بمرحلة ما بعد “بريكست”، فضلا عن الأزمة الاقتصادية وتراجع شعبيته في استطلاعات الرأي، فيما يتهم أيضا من معسكره بالتصلب وانعدام النشاط.
ووفقا لـ”الفرنسية”، يجد بوريس جونسون نفسه أمام اختبار صعب بسبب الوباء، إلا أن عودة المرض إلى التفشي بكثافة وتسجيل بلاده أكبر عدد وفيات في أوروبا (نحو 42 ألفا)، مقترنة بالمخاوف المرتبطة بالخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 31 كانون الأول (ديسمبر)، أنتجت حالة من التمرد في أوساط أقرانه المحافظين الذين يتهمونه بأنه يحكم وفقا لإملاءات.
وفيما يمكن تفسير التدابير الطارئة بتفشي الوباء، إلا أنه كان أمام الحكومة ما يكفي من الوقت للإعداد للحياة خارج الاتحاد الأوروبي.
لكن جونسون اختار طرح اتفاق “بريكست” الذي تم التوصل إليه مع بروكسل للمساءلة عبر مشروع قانون يسمح بتعديل بعض مقتضياته، وهي خطوة فيها خرق للقانون الدولي وأثارت غضب المحافظين. ونجحت الحكومة بتهدئة السخط عبر تعديل مشروعها، لكنه لا يزال يعطي الحق للبرلمان في إدخال تغييرات على الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
ورغم أن جونسون الملقب بـ”بوجو” يملك أغلبية من 80 مقعدا في مجلس العموم، إلا أن بين 40 إلى 60 محافظا يهددون بعدم التصويت لمصلحة تجديد الصلاحيات الاستثنائية الممنوحة للحكومة لإدارة أزمة الوباء.
وفي هذا الموقف تغير راديكالي مع أجواء العام الماضي حين انتخب جونسون رئيسا لحزب المحافظين وانتزع فوزا تاريخيا في الانتخابات التشريعية في كانون الأول (ديسمبر).
وللمرة الأولى منذ وصول جونسون إلى السلطة، بين استطلاع رأي نشر أمس، تقدم المعارضة بقيادة حزب العمال بثلاث نقاط في نسب التأييد على المحافظين.
ويقول تيم بايل أستاذ السياسة في جامعة “كوين ماري” في لندن، “إن المحافظين لم يختاروا جونسون بادئا لأنهم يعدونه ملائما ليكون رئيس وزراء جيد، بل لأنهم كانوا يريدون كسب الانتخابات بأي ثمن، على أمل أنه سيلعب الدور جيدا في نهاية المطاف، مضيفا، “نخشى حاليا من أن الوضع لم يعد كذلك”.
وتنتقد الصحافة البريطانية التي لطالما كانت مؤيدة إلى حد كبير لجونسون، قراراته الأخيرة، إذ كتبت مجلة “ذي سبيكتاتور” التي كان جونسون رئيس تحريرها أن الأخير يحكم في ظل “الفوضى والانهيار والتمرد وتغيير المواقف والإرباك”.
وذهب بعض المحافظين لدرجة الإعراب عن قلقهم من التأثيرات طويلة الأمد للوباء الذي أصيب به رئيس الوزراء نفسه وكاد أن يودي به في نيسان (أبريل)، وقوض قدراته على الحكم، فيما عدت صحيفة ديلي ميل أنه “مهما يكن السبب، بات جونسون متصلبا ومعارضا للنقاش”.
وكتب في “ذي سبيكتاتور” توبي يونج الذي يعد مؤيدا مندفعا لجونسون “لم يعد مؤهلا ليكون رئيس وزراء وعليه التراجع بعد الانتهاء من بريكست”.
وفي الأثناء، لا تكف شعبية ريشي سوناك وزير المالية الشاب البالغ من العمر 40 عاما، عن التصاعد، وبإيجاده تدابير مبتكرة لدعم الاقتصاد في ظل أزمة كوفيد – 19، كسب تأييد الرأي العام ونواب محافظين يريدون أن تكون الأولوية للإنعاش الاقتصادي وليس للحجر، على اعتبار أن على البريطانيين تعلم “العيش دون خوف”.
وكتبت صحيفة “ديلي تلجراف” المحافظة “نتحدث عن سوناك كما لو أنه رئيس وزراء في السلطة”، متحدثة في الوقت نفسه عن احتمال ارتداد ذلك عليه حينما سيخضع للمساءلة عن تلك التدابير الباهظة.
ويواجه جونسون أيضا الارتفاع المتزايد لشعبية الزعيم الجديد للمعارضة العمالية كير ستارمر الذي لم يتوان عن طرح أسئلة صعبة على رئيس الوزراء خلال جلسة مساءلة الحكومة.
وتعد مهمة إعادة تعبئة حزبه مهمة معقدة فيما يمنعه الوباء من التواصل مباشرة مع معسكره، إذ يعقد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين افتراضيا من 3 إلى 6 تشرين الأول (أكتوبر). وستكون إعادة تعزيز موقعه مهمة أكثر تعقيدا في حال لم ينجح بتوقيع اتفاق تبادل تجاري حر مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام.
وربما يعود تضاؤل طاقة رئيس الوزراء إلى تعافيه البطيء من كوفيد – 19 ولواقع كونه أبا جديدا، كما يرى بعض المعلقين، حيث يزيد تيم بايل على ذلك بالقول “يعود ذلك على الأرجح إلى أنه يشغل منصبا يفوق قدراته بكثير”.

المصدر – صحيفة الاقتصادية – بتصرف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى