جبل أم سنمان بحائل.. نقوش صخرية تعود إلى الألف السابعة قبل الميلاد
في الجزء الجنوبي لصحراء النفود الكبير على بُعد 100 كم شمال غرب مدينة حائل، يقع مركز جُبَّة كواحد من أهم المراكز التي تحتوي على المواقع الأثرية الصحراوية.
ووفقًا للمنظور السياحي، تعد وجهة سياحية قادرة على أن تستلهم شغف محبي التراث والنقوش وعلماء الآثار؛ لكونها تضم أقدم المواقع الإنسانية التي تعود إلى العصور الحجرية، وأشهر الرسوم والنقوش الصخرية في المملكة. وما إن تدلف إلى القرية حتى تظهر لك في مواقع مختلفة مراحل الحياة عند الإنسان الذي عاش في العصور الحجرية. ويمكن للزائر التعرف على بعض طرق ونظم الحياة اليومية التي كان يطبقها ويحياها البشر في تلك الحقبة من الزمن. وتمتلك الجُبة قدرًا هائلًا وكثيفًا من الرسوم والنقوش الإبداعية التي رسمها ونقشها الإنسان في عصور مختلفة على واجهات صخور الجبال المتميزة بتشكيلاتها الفنية والمتنوعة بموضوعاتها التعبيرية المحيطة بهذه القرية لتُشكِّل معرضًا فنيًّا تاريخيًّا قلما تجده في مواقع تاريخية أخرى.
وتتيح تلك النقوش التعرُّف على تقنيات الأدوات الحجرية التي استخدمها الإنسان القديم في حفر رسومه ونقوشه الكتابية المتنوعة والغنية، ومن أبرزها ما يشاهده الزائر في جبل أم سنمان التي تمثل النمط المبكر للحفر والنقش كما في جبل غوطة الذي يعود تاريخهما الزمني إلى الألف السابعة قبل الميلاد.
وسمي جبل أم سنمان بهذا الاسم نسبة إلى شكله؛ لكونه يشبه إلى حد كبير الناقة ذات السنامين، وهي مستقرة في الأرض. ويعد هذا الجبل في زمن الجاهلية من أحصن وأمنع المواقع؛ إذ إن العرب كانت قديمًا تلجأ إليه طلبًا للسلامة، وملاذًا من الخوف، كذلك يستدل به القادم من نفود الصحراء. وتتميز رسوم ونقوش هذين الجبلين بمشاهد غنية للحياة اليومية للإنسان والحيوان اللذين استوطنا هذه المنطقة ويمكن تقسيم وجودهما إلى فترتين: الأولى تعود إلى الألف السابعة قبل الميلاد، وبها تظهر الأشكال الآدمية المكتملة مع الأذرع الرفيعة، وبروز الجسد المكتنز عند طية الفخذ، وظهور أشكال النسوة ذوات الشعر المجدول المتدلي وذوات الملابس المزخرفة، وظهور الأشكال الحيوانية، مثل الإبل والخيل غير المستأنسة والوعول ومجموعات مختلفة من أشكال الأغنام والقطط والكلاب التي استُخدمت في الصيد. فيما تعود الفترة الثانية للعصر الثمودي، وأبرز رسومها ونقوشها الصخرية تتمثل في استئناس الجمال؛ حيث تظهر مشاهد المحاربين على ظهورها وبأيديهم الحراب، وتظهر الوعول والفهود والنعام، إضافة إلى أشكال رمزية وأشجار النخيل. وشكَّلت تلك الآثار أهمية كبيرة لدى العلماء والخبراء؛ ما أسهم في توافدهم على المركز والمواقع الأثرية وجمع العديد من المعلومات التي تعزز الأبحاث والدراسات بمعلومات أكثر تفصيلًا عن حياة الإنسان في تلك الحقبة. يُذكَر أن موقع جبل أم سنمان سُجِّل ضمن مواقع التراث العالمي في (اليونيسكو) لعام 2015م.
المصدر : صحيفة عاجل – بتصرف