الخطاب الديني بين النقد والرفض
بقلم: فواز بن محمد آل داوود
للدين قيمة كبيرة لدى الإنسان وهو يؤثر في حياته سواء كان متديناً أو على الضد، يظهر ذلك من الحديث المستمر منذ قرون عن الإيمان ومفرداته وعما يقابل الإيمان.
كما أن الدين يؤثر في حياة غير المتديّن بشكل واضح، ويظهر ذلك من الحديث المتكرر عن الخطاب الديني ونقده والدعوة لتجديده أو حتى تفكيكه. وتلقى هذه الدعوات حول نقد وتجديد الخطاب الديني استجابات إيجابية من كل الأطراف على المستوى النظري وفي مستوى المقاربة الفكرية، ولكنها لا تتجاوز ذلك إلا قليلاً من الجهات الفاعلة والمؤثرة، إلى أعمال منجزة بعيدا عن المجال الجدالي والتنظيري. ولعل مبرر ضعف التأثير لهذه الأحاديث المتكررة عن ضرورة نقد وتجديد الخطاب الديني يعود إلى أن الدعوات الأبرز للنقد والتجديد هي في الأصل دعوات ذات صبغة دينية تدعو للعودة للجذور النقية الصافية وترك الامتدادات التي ظهرت على مدى مئات السنين نتيجة للتدين الذي يبتعد عن الأصول والمبدأ الأساس باعتبار أن الدين، من عقائد وشعائر وأخلاق هي تجمع الحسن المطلق.. بينما تأتي الدعوات اللاحقة والمعاصرة في الأغلب من الآخر الذي يفتقد من وجهة نظر المتدينين، لأحقية الحديث عن الدين، لانعدام التخصص، أو لانعدام التدين، أو لتبنيه اتجاها إقصائياً يزيل عن رأيه الحيادية والمصداقية.
الدعوات المتكررة لنقد وتجديد الخطاب الديني تنطلق من تصور أن الدين كتلة يمكن صياغتها عقلياً وربما فردياً، وأن مجرد الرغبات والأمزجة يمكنها التحكم في ذلك، لذا تضمحل تلك الدعوات حينما تبدأ في ضرب الأمثلة أو عند تطبيق نقدها على أفراد المسائل الدينية.
إن نقد الخطاب الديني والدعوات لتجديده من أهل الدين والمتخصصين فيه من كافة الأديان، ليست جديدة ولا معاصرة بل هي قديمة وتتوالى على امتداد التاريخ وهي تقابل في البداية بالرفض ثم بالنقاش ثم كسب الموافقين، وتتحطم بعد ذلك بالتمذهب والجمود مما يستدعي نقدها في ذاتها وضرورة تجديدها.
ما سبق يدعو عند المناداة لنقد الخطاب الديني أو تجديده إلى أن يكون ذلك من المتخصصين في المقام الأول، ومن المهم في هذه الدعوات بعد ذلك التخلص من الإقصاء والإلغاء للآخر الذي نتج عن الميول الحزبية والمذهبية الضيقة، وأن تراعى المصالح العامة والخاصة التي جاء الدين بها، ودلّ العقل على مراعاتها والاهتمام بها.