تربية الصقور.. رعاية واهتمام وصداقة بين الإنسان وصقره
صحفية كل الصحف – عبده مهدي
نالت هواية تربية الصقور اهتمامًا كبيرًا منذ القدم، وتضاعف عدد محبيها مرات ومرات، وتطورت مع هذا الإقبال الكبير تقاليدها وآدابها. وقد عرف العرب منذ بداية عهودهم الأولى هذه الهواية فكانوا يعتمدون على الصقور وبعض الجوارح، وأنواعٍ من كلاب الصيد في كسب قوتهم ومعيشتهم.
ويُصنف الصقر من الطيور الجارحة، على أن الصقور تتميز عن غيرها من الطيور الجارحة بسواد عينيها، وسرعتها التي تفوق 300 كيلومتر في الساعة عند انقضاضها على الفريسة. كما تمتاز بحدة بصرها التي تفوق من 4 إلى 8 أضعاف حدة بصر الإنسان.
وتنقسم الصقور إلى عشرات الفصائل؛ وفقاً لأحجامها وأوزانها وألوان ريشها وسرعتها وقدرتها على الطيران، وتعيش فصائل الصقور المختلفة في مناطق جغرافية ومناخية متعددة من الصحاري شديدة الحرارة وحتى المناطق الثلجية شديدة البرودة.
ويقسم الباحثون الصقور التي يستخدمها العرب إلى تقسيماً علمياً يُعيد كافة الفصائل المختلفة إلى أربعة أنواع رئيسة هي الصقر الحر، وصقر الجير، والشاهين، إضافة إلى الوكري.
ويعتبر صقر الجير (السنقر) أحد أكبر الصقور في العالم. وهو يعيش في البيئات الجبلية الشمالية الثلجية والباردة جدا ويسمى أحياناً بالصقر الكندي؛ لأنه استجلب من كندا وألاسكا إلى جزيرة العرب، ويعد من أسرع الصقور طيراناً وأسرعها انقضاضا.
أما الصقر الحر هو من الصقور المفضلة عند العرب. ويتكاثر في شرق أوروبا ووسط آسيا، ويهاجر في الشتاء جنوباً عبر الجزيرة العربية إلى أفريقيا. كما يفضل العرب الصقر الحر بسبب تحمله للأجواء الحارة، علاوة على تفوقه في الصيد، وهو قادر على صيد الطرائد الكبيرة والصغيرة.
كما يعد الشاهين من الصقور المفضلة لدى العرب، وهو أسرع الطيور في العالم، وقد تصل سرعته إلى 320 كلم /ساعة، ويوجد منه ما يقرب من 19 فصيلة.
وتنتشر صقور الشاهين في مناطق واسعة من العالم، وبسبب كثرة تنقله سمي بـ “الصقر الجوال” ويغلب عليه أن يصطاد طرائده وهو محلقاً في الجو.
صُنف الصقر الشاهين عند العرب إلى نوعين “شاهين بحري” و “شاهين جبلي”، ويمتاز البحري بأنه أكبر أنواع الشواهين، ذو لون فاتح يهاجر إلى الجزيرة العربية من أماكن تكاثره، أما الجبلي فيميل للون الغامق ويستوطن ويتكاثر في جبال الجزيرة العربية.
أما صقر الوكري فهو من الصقور المتوسطة في كفاءة الصيد رغم شدة تحمُّله للجوع والمرض، ويكثر هذا الصقر في أفريقيا وجنوب آسيا. وهو من الصقور ليِّنة الطباع، ومن اليسير توجيهه وتدريبه.
وتفرّخ الصقور بأنواعها ” الشاهين والحر والوكري والجير” مرة واحدة في العام، وفي كل مرة تفرّخ من 2-5 صقور أسماها العرب (قديمًا): النادر وهو (أقواها وأكبرها حجمًا)، الوسط (وهو أقل حجماً من النادر)، والمحقور وهو (أصغرها وأقلها قوة)، وهناك من يسمي الفرخ الأول بالوافي أو الكامل، والثاني مثلوث، والثالث ويكون الأصغر حجمًا التبع.
وتحتضن الأم فراخها لما يقارب 32 يومًا داخل العش “الماكر”، فيما يجلب الذكر الطعام لها، ويكتمل ريش الفرخ بعد 60 يومًا تقريبا من تفقيس البيض للطيران والتحليق بأجنحته في السماء، وعندها يرفض الأبوان إطعام الفراخ يحلقان في الأعلى و يقذفان بالطعام في الهواء، ومن ثم تطير الفراخ مسرعة لالتقاطه قبل سقوطه إلى الأرض.
وتهاجر الطيور الجارحة سنويًا من مناطق التعشيش في أماكن متفرقة مثل أقصى الجزء الشمالي من روسيا (سيبيرا) إلى المناطق الأكثر دفئًا في أفريقيا، قاطعة مسافة تقدر بأكثر من 8,000 كيلومتر، ويعبر منها ما يقارب (مليون ونصف المليون طائر) سنويًا أجواء المملكة خلال شهر أكتوبر من كل عام بما في ذلك “الصقور” بنوعيها: الشاهين البحري، والحر، بينما تعيش في المملكة صقور مستوطنة مثل: الشاهين الجبلي، والوكري التي تعد مهددة بالانقراض محليا.