الصراع لأجل البقاء يجبر مصانع السيارات على ابتكارات مستقبلية صديقة للبيئة بتصاميم فريدة وخيالية
تتسابق مصانع السيارات لتطوير التقنيات التكنولوجية للسيارات؛ حيث أصبحت هاجسها الأول، وذلك من خلال الاستفادة من الخيال العلمي لتطبيقه في صناعة السيارات.
ومن المتوقع أن تشهد الأعوام المقبلة تطورا مذهلا في عالم السيارات، فقد تصبح سيارات المستقبل عبارة عن هواتف ذكية مزودة بعجلات وتقود نفسها، وهذا ما تتحدث عنه الخطط التي تُعلنها الشركات المتخصصة بين الفينة والأخرى، وتنفق لأجل ذلك بلايين الدولارات على أبحاثها التطويرية للوصول إلى مواصفات سيارات المستقبل لتكون خيالية وفريدة، وصديقة للبيئة، ولتتعدى مفهوم السيارة، لتصبح العقل المدبر للسيطرة على كل أجزائها، وأكثر من مجرد سيارة، لتكون المكتب ومكان الترفيه لكل من يستقلها.
وتوضح تقارير عالمية، أن الابتكارات المقبلة ستتمكن من برمجة السيارة للسيطرة على المنزل بما يخدم كل أفراد الأسرة، ومساعدة قائدها ليستطيع التحرك بها في الزحام بثقة كبيرة، من خلال برمجة راداراتها لضبط سيرها، وما على سائقها سوى إملاء التعليمات عليها لتنفذها بكل دقة.
وقد اختبرت إحدى شركات صناعة السيارات أخيرا طرقاً سريعة وذكية تمكن قائد السيارة من قيادتها بواسطة سائق آلي، وتقوم شركة أخرى بتجهيز نماذج أولية من سيارات تتم قيادتها بنظام عصا الألعاب الإلكترونية.
الخيال حقيقة
ولا نستغرب أن ينقلب الخيال العلمي في ابتكارات السيارات إلى حقائق، فسيارات المستقبل ستعمل كمكاتب ومسارح منزلية، وستستجيب لتعليمات السائق أو الركاب الصوتية، وتنبيه السائق الذي يفقد تركيزه أثناء القيادة، ومساعدته على السيطرة على تشتت الانتباه أو النعاس الذي يعد من أهم أسباب حوادث السيارات، من خلال تزويد السيارات بآلية تحدث اهتزازات خفيفة في المقعد أو حزام الأمان أو دواسة الوقود لتنبه السائق في المواقف الخطرة، ومن التوقع أن تتوافر هذه الخاصية في جميع السيارات بحلول عام 2020. ويدرس علماء استخدام حواس اللمس والشم لإضافة خصائص للسيارات لتجعل القيادة أكثر أمانا.
كما أنه بحلول عام 2020 ستغزو شوارعنا السيارات ذاتية القيادة، وقد سبق الكشف عن ذلك في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية الذي أقيم في لاس فيغاس، حيث قدمت أكثر من مائة شركة مصنعة للسيارات آخر ابتكاراتها في هذا المجال اعتمادا على سيارات أكثر كفاءة، لسيارة مستقبلية تتمتع بجميع الميزات، ويستلزم ذلك بنية تحتية ملائمة لتكون هناك جدوى من تصميم السيارات المستقبلية، ومن المتوقع أن يتم بيع 21 مليون سيارة ذاتية القيادة بحلول عام 2035.
صراع البقاء
والخيال العلمي ليس خيارا لشركات ومصانع السيارات، بل هو صراع من أجل البقاء، فمن ذلك الخيال ما كشفته شركة صناعة السيارات اليابانية «تويوتا» أخيرا عن طراز سيارة دفع رباعي، بالشراكة مع وكالة الفضاء اليابانية، سيتم إرسالها إلى القمر عام 2029. وهذه العربة قادرة على حمل ما يصل إلى أربعة ركاب، والسير لمسافة 10000 كيلومتر على سطح القمر، وهي مجهزة بخلايا وقود، وألواح طاقة شمسية، وفي حجم حافلتين صغيرتين.
وتهدف «تويوتا» من وراء هذه التجربة إلى اختبار هذه التقنيات في بيئة صعبة لتحسين أداء المركبات الهيدروجينية على الأرض، وفرض نفسها رائدة لهذا النوع من السيارات على مستوى العالم.
كما أن شركة بيننفاريتا الإيطالية الشهيرة، وهي شركة متخصصة بتصميم سيارات إيطالية مستقلة تأسست عام 1930 وأهمها تصاميم فيراري الخالدة؛ حيث قامت بإطلاق سيارة نموذجية اختبارية، وذلك بالتعاون مع تلاميذ الجامعات في اختصاصات التنقل والمواصلات.
لابتكار ما سيكون عليه شكل السيارات في المستقبل، فتم تقديم سيارة سيلا الاختبارية في معرض جنيف الدولي للسيارات قبل ما يقارب العام، وهي من حيث الحجم بنفس قياسات فيراري 458 أو 488 ولكنها أكثر انخفاضا بنحو 7 سنتم.
وهذه السيارة النموذجية مصممة لاستيعاب شخصين (السائق وراكب أمامي)، ومقصورتها شبيهة بمقصورة الطائرات النفاثة.
ومن الناحية التقنية، تم تعديل كل إطار وعجلة بطريقة تسمح لها باستيعاب محرك كهربائي خاص بها، كما أن نظام الدفع والحركة في السيارة هو نصف ذاتي القيادة.
قطرة في بحر
ومن المتوقع أن تصبح القيادة الآلية للسيارات، التي تتيح لها تبادل البيانات مع سيارات أخرى على الطريق مجرد قطرة في بحر من التغييرات، التي تجتاح صناعة السيارات، فالذكاء الاصطناعي أصبح ركيزة أساسية في السيارات، فنجد أن سيارة المستقبل عندما تصل إلى مركز الصيانة لإلقاء نظرة عليها من قبل الميكانيكي لتحديد عيوبها، ستتولى تجهيزاتها الإلكترونية إرسال رسالة مسبقة إلى مركز الصيانة عبر شبكة اتصالات لاسلكية تتضمن الأعطال الموجودة فيها.
وذكرت شركتا بوش وكونتنينتال لصناعة مكونات السيارات، أن كل أجهزة الكشف عن الأعطال المستخدمة في مراكز الصيانة سيتم ربطها بشبكة اتصالات معا في المستقبل.
ويقول «يان فيتكامب» من شركة صناعة مكونات السيارات الألمانية «بوش»، إن سيارات المستقبل ستتولى حجز موعد صيانتها، وطلب قطع الغيار التي تحتاجه لنفسها من خلال الاتصال لاسلكيا مع مركز الصيانة أثناء سيرها على الطريق، حيث إن كل سيارة سترسل عدة تيرابايت من البيانات الرقمية لدى تسجيل نفسها للدخول إلى مركز الصيانة.
هنا لن نرى ميكانيكي السيارة وهو يستخدم جهاز الكمبيوتر المحمول، أو أجهزة التشخيص الإلكترونية للكشف عن الأعطال، لأن تدفق البيانات مستقبلا سيكون أضخم بكثير مما يمكن الميكانيكي من التعامل معه.
كما سنشهد السنوات المقبلة طرح سيارات تعتمد فقط على الهواء كوقود عوضاً عن الوقود التقليدي، وصولاً إلى سيارات ذات هياكل خارجية مصنوعة من مواد وألياف نباتية.
إضافة إلى مزايا لا تتوافر في السيارات الحالية، مثل الأنظمة التي تعمل بتقنية منظم الهواء المضغوط، والألواح والأسطح الخارجية المصنوعة من المواد والألياف النباتية، وكذلك المصنوعة من مادة البوليمر التي تعزز من الانسيابية، وتعمل بديلاً أخف وزناً من الألواح الجانبية العادية والواجهات الزجاجية للسيارة، وهذا بدوره يوفر منتجاً خفيفاً يتمتع بدرجة عالية من القوة والصلابة.
دفع رباعي لغزو القمر
المصدر: الرياض