توفير المقومات يؤسس قاعدة واسعة لتصنيع السيارات
تعد صناعة السيارات أكبر صناعة في العالم حيث تضخ سنوياً للأسواق العالمية أكثر من 70 مليون سيارة جديدة.
وهذه الصناعة تعتمد على أكثر من عشرين صناعة مثل صناعة الحديد والبلاستيك والمطاط والزجاج والإلكترونيات والبتروكيميائيات والجلديات وغير ذلك من المنتجات التي تعتمد عليها السيارة لاكتمال تصنيعها.
والمملكة غنية بالكثير من احتياجات التصنيع آنفة الذكر ما يجعلها أرضاً خصبة لتوليد المصانع المرادفة لمصانع السيارات لتزويدها باحتياجاتها التكميلية لإنجاح هذه الصناعة.
لهذا تسعى المملكة من خلال العديد من القنوات ومن أهمها صندوق الاستثمارات العامة للبدء بتصنيع السيارات ولكن ليست السيارات التقليدية بل المتطورة لتبدأ من حيث انتهى الآخرون، بإنشاء مصانع لها داخل المملكة وخارجها لتصنيع هذا النوع من السيارات، وذلك من خلال إبرام الاتفاقيات الضخمة مع العديد من مصانع السيارات المتطورة في العالم للبدء في إنشاء مثل تلك المصانع.
ومن هنا يجب الاستعانة بالكوادر العالمية التي سبقتنا في هذا المجال والاستفادة من الطاقات الوطنية المؤهلة لتطوير تلك الصناعة التي يتسابق العالم الذي تتوفر لديه الإمكانات مجتمعة لإنشاء مصانع حديثة ومتطورة.
والآن المملكة لديها الكثير من الإمكانات والفرص سيسهل عليها نقل تقنية صناعة السيارات المتطورة وأهمها الكهربائية بمشاركة المصانع العالمية التي سبقتنا في هذا المجال وتوطينها بشرط تبني إستراتيجية ترتكز على دراسات معمقة لتوطين وتفعيل هذه الصناعة.
“شراكات عالمية”
ومن تلك الشراكات العالمية التي أبرمتها المملكة مع شركات عالمية على سبيل المثال لا الحصر: شركة “لوسيد موتورز” لصناعة السيارات الكهربائية حيث أبرمت معها عقوداً جاوز مبلغها المليار دولار.
وهذا التوجه سيساهم في تحفيز ولفت أنظار شركات المصانع العالمية الأخرى للسعي نحو إيجاد موضع قدم لها بالسوق السعودي بعد الانفتاح الاقتصادي الذي يقوده مهندس الرؤية محمد بن سلمان – حفظه الله.
ويعد توجه السعودية لمثل هذه الخطوة في الصناعات جزءاً من استراتيجية الاستثمارات العالمية التي يقودها الصندوق، في الدخول في السباق العالمي نحو تصنيع السيارات داخل وخارج المملكة والاستثمار في قطاع السيارات وخصوصاً الكهربائية، الذي يشهد في الوقت الحالي نمواً واسعاً ومتسارعاً.
وهذا التوجه للمملكة كما قال متحدث الصندوق في حديث سابق له يرمي إلى الدفع بعجلة التنويع الاقتصادي في المملكة”.
وإن مثل هذه الصفقات تعد دعماً للتوجه العالمي لتبني الطاقة المستدامة عبر تصنيع سيارات كهربائية متطورة، ومواكبة التغيرات السريعة التي يشهدها سوق السيارات على الصعيد العالمي.
وستسهم مثل هذه الصفقات العالمية في دعم جهود المملكة لتحقيق رؤية 2030، حيث يتمثل أحد أهدافها الرئيسية في إنشاء اقتصاد مستدام وصديق للبيئة.
“كفاءات وإمكانات”
والمملكة لديها إمكانات وكفاءات لتوطين تلك الصناعة وبالأخص صناعة السيارات الكهربائية بالمملكة فمن الطاقات فهد الدهيش الذي أجرت معه “الرياض” حواراً حول الموضوع، وهو متخصص في نظم تصنيع من جامعة توليدو في ولاية أوهايو الأميركية القريبة من مدينة ديترويت معقل العمالقة الثلاثة في صناعة السيارات (جيمس – فورد – كرايزلر) والذي تمكن عن قرب في هذه الصناعة العظيمة ثم مرحلة الدكتوراه من جامعة فاندربيلت في ولاية تنسي الأميركية التي تقع بين عدة مصانع للسيارات والمعدات الثقيلة منها مصنع نيسان ومصنع تويوتا ومصنع كورفت التابع لشركة جيمس، إضافة إلى المصنع المتخصص في صناعة الشاحنات والقاطرات العملاقة “بيتربيلت” الذي ينتج يومياً أكثر من 70 شاحنة ثقيلة والتي تتربع على ملكية الطرق الطويلة في الولايات الأميركية.
ويحمل د. الدهيش تخصصاً دقيقاً لرسالة الدكتوراه هو نظام وإدارة سلاسل التزويد في صناعة السيارات والمعدات الثقيلة، وله خبرات بحثية لأكثر من 15 عاماً في هذه الصناعة وكيفية توطينها لأنها من الصناعات التي تجلب صناعات أخرى كثيرة مما يساعد على زيادة مستوى التصنيع.
ومثل الدهيش لدينا الكثير من الطاقات.
ويقول د. الدهيش عن توجه المملكة: إن لديها فرصة ذهبية لو عملت مع دول عالمية مصنعة متضررة من غلاء البترول، من أجل نقل تقنية صناعة السيارات إليها، ويؤكد أن توطين صناعة السيارات في السعودية يحتاج إلى تبني إستراتيجية لهذه الصناعة تشمل اعتماداً حكومياً لشراء جزء من السيارات المصنعة، لافتاً إلى جاهزية البيئة الصناعية في المملكة حالياً لإنتاج أكثر من 40 % من أجزاء السيارة.
مشيراً إلى أن السعودية تعد الدولة الأولى المستوردة للسيارات في الشرق الأوسط، فيضخ في أسواقها 550 ألف سيارة جديدة و100 ألف سيارة مستعملة سنوياً، تبلغ قيمتها الإجمالية 35 مليار ريال، يضاف إليها 20 مليار ريال تمثل قيمة قطع الغيار في المملكة، ويرى أنه من الضروري الدخول والاعتماد على هذه الصناعة والبناء العاجل لنكون من مناطق صناعة السيارات في العالم حيث يمر بمرحلة انتقال تقنية لصناعة السيارات وإذا ضيعنا هذه الفرصة فإنه من الصعب جداً اللحاق في التقدم العالمي في صناعة السيارات في المستقبل فالعالم بدأ يتحول في صناعة السيارات من الاعتماد على البترول إلى الاعتماد على خلايا الوقود وكذلك السيارات الكهربائية وكذلك المعتمدة على الخلايا الشمسية.
ويرى أهمية دعم وتعزيز استراتيجيات صناعة السيارات وهي أن لا نعتمد بشكل كامل على أسماء صناع السيارات العالمية في إنشاء مصانع عندنا لأنه سوف يطول الزمن وتضيع الفرصة، لذلك لا بد من أن نستخدم سياسة جديدة واستراتيجية أكثر جدية في تبني هذه الصناعة إذ لا بد من تبني فكرة جديدة لإنشاء مصنع سيارات، تعتمد على إنشاء مصنع مع سلاسل التزويد.
ومن الوسائل في إنجاح هذه الصناعة هي الدعم المحلي لا أقصد دعم المصانع بدعم مالي بل تعديل وتبني بعض السياسات والقوانين الخاصة في هذه الصناعة بالذات لكي تستطيع هذه الصناعة أن تبدأ وتقوم بسرعة مع الاعتماد على الصناعة الوطنية.
“مباركة عالمية”
وترقب أنظار العديد من المصانع العالمية توجه السعودية لإنتاج السيارات الكهربائية ودعم سياستها في هذا التوجه لما يشهده العالم من ارتفاع بنسبة 50 % في انتشار السيارات الكهربائية، بالمقارنة بين عامين 2016-2017، بعدما سجلت مبيعات السيارات الكهربائية بختام عام 2017، 3 ملاين سيارة، ويأمل العالم فى الوصول إلى 560 مليون سيارة بحلول عام 2040.
وبدأت مصانع عالمية ومنها “شركة نيسان” منذ وقت مبكر في البدء بتصنيع السيارات الكهربائية، وتتعاون بذلك مع المملكة حيث وصلت “سيارات نيسان ليف الكهربائية” إلى المملكة نهاية العام الماضي لإجراء اختبارات عليها، وذلك بعد أن وقّعت “السعودية للكهرباء” اتفاقية مع شركة طوكيو للكهرباء القابضة، وشركة نيسان للسيارات، وشركة تكاوكا توكو لحلول الطاقة.
وذلك ضمن المشروع الذي يهدف إلى تقييم وتطوير هذا التوجه، في ظل استراتيجية الشركة للتوسع في تقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز معايير المحافظة على البيئة.
ويُعد وصول تلك السيارات خطوة مهمة على طريق نقل التقنيات الحديثة الخاصة بالتوسع في استخدام الطاقة الكهربائية بوجه عام، وتقنيات السيارات الكهربائية بوجه خاص للمملكة.
ونيسان تتميز بتراث عريق في المملكة تعود بداياته إلى أوائل خمسينيات القرن الماضي. وتعمل بجد للتحول إلى قوة لا يمكن إغفالها في أسواق السيارات في المملكة، ومنذ شهر نوفمبر من العام 2014، وسعت نيسان عملياتها في المملكة عبر إعلانها عن تأسيس “نيسان السعودية” وتلعب هذه الشراكة دوراً مهماً في تعزيز وجود نيسان في السوق السعودي الذي يعد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط.
ويقول وبدر الحسامي، المدير التنفيذي لشركة “نيسان العربية السعودية”، بهذا الخصوص إن السعودية تعد محل تركيز مهم بالنسبة لنيسان حيث تزداد فيها شعبية علامتها التجارية سنة تلو الأخرى.
ويوافقه الرأي عبدالإله وزني، مدير عام التسويق والعلاقات العامة في نيسان السعودية: حيث يؤكد أن القيادة العليا لنيسان تولي السوق السعودي اهتماماً كبيراً وتعده وفق ما لديها من معطيات من أهم الأسواق العالمية والسوق الأكبر في الشرق الأوسط لذا فإننا نوليه أكبر اهتمام ورعاية وهذا ما نعمل عليه الآن.
“د. الدهيش: بيئتنا الصناعية جاهزة لإنتاج 40 % من أجزاء السيارة”
المصدر: الرياض