اخبار كل الصحف

تطوير التعليم بحاجة إلى تطوير(1)

أ.د. عبدالمحسن الداود
من وحي هذه الورشة التعليمية التي تناولت التعليم العام أشير إلى موضوع مهم يشغل بال الكثير من التربويين وحتى أولياء الأمور وهو موضوع مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم «تطوير»..

بداية أنتهز هذه الفرصة لتهنئة معالي الدكتور حمد آل الشيخ على الثقة الملكية الكريمة بتعيينه وزيراً للتعليم، سائلاً الله عز وجل له التوفيق والسداد في معالجة الكثير من الملفات الكبرى التي تحتاج إلى التفاتة قوية وسريعة للنهوض بمستوى تعليمنا ليتواءم مع رؤية المملكة 2030 ويحقق طموحات وتطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.

ولعل مما يبشر أن الوزير آل آلشيخ يريد المبادرة بالإصلاح والتغيير مبادرته بالالتقاء بعدد من قيادات التعليم العام والمهني والخبراء في ورشة عمل مفتوحة لمناقشة واقع قطاع التعليم العام ونواتجه واتجاهات العمل المستقبلية وفق ما يدفع إلى تحقيق مبادرات التعليم في رؤية المملكة 2030، وتحسين العملية التعليمية وصولاً لمراكز متقدمة بين الدول، مؤكداً ثقته بالعاملين في التعليم لتحقيق رسالتهم التربوية المخلصة، وردم الفجوات في العملية التعليمية بين الإدارات العليا ومن في الميدان.

ومن وحي هذه الورشة التعليمية التي تناولت التعليم العام أشير إلى موضوع مهم يشغل بال الكثير من التربويين وحتى أولياء الأمور وهو موضوع تطوير التعليم العام. فمن المعروف أن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم «تطوير» تأسس العام 1428هـ بميزانية قدرها تسعة مليارات ريال. وكانت المرحلة الأولى له تهدف إلى الرفع من قدرة النظام التعليمي في المملكة، وبناء مجتمع المعرفة من خلال بناء نظام متكامل للمعايير التربوية والتقويم والمحاسبة، وتنفيذ برامج رئيسة لتطوير التعليم والاستفادة من أفضل الممارسات العالمية المتقدمة بما يفي باحتياجات المملكة المستقبلية.

وكانت الأولوية الاستراتيجية للمشروع تتمثل في رفع مستوى تحصيل المتعلم من خلال التطوير المنتظم للمدارس وتمكينها ومساندتها من قبل جميع مستويات النظام التعليمي. ومع هذا الطموح الجميل بدأ برنامج «تطوير» في تطبيق مشروع على خمس وعشرين منطقة تعليمية، وتم اختيار مدرستين في كل منطقة، إحداهما للبنين، والأخرى للبنات ليصل المجموع إلى خمسين مدرسة. وتم تزويد هذه المدارس بأحدث التقنيات والوسائل الحديثة في التعليم، من ضمنها جهاز حاسب آلي لكل طالب وطالبة، كما تم تزويدها بكاميرات ليتسنى متابعة التقدم الذي يحدث في هذه المدارس، ومعالجة أي مشكلات قد تحدث أثناء التطبيق.

ولكن ماذا كانت نتيجة هذه التجربة بعد ست سنوات؟

واجهت هذه المدارس عدداً من المشكلات من قبل إدارات التعليم التابعة لها لكونها انفصلت جزئياً عنها، فأصبحت تتقاعس عن توفير ما تحتاجه هذه المدارس من إمكانات بشرية، إضافة إلى عدد من المعوقات الأخرى في مجال التدريب والتأهيل. وبعد أن استفادت 900 مدرسة تقريباً من هذا المشروع في مرحلتيه الأولى والثانية توقف المشروع الذي كان من المفترض تعميمه لاحقاً بعد انتهاء التجربة على جميع مدارس التعليم العام في المملكة، ورأى القائمون عليه ضرورة إعادة النظر في المشروع بكامله.

وهنا سؤال يتبادر إلى الذهن: أين مخرجات هذا المشروع؟ ولماذا توقف؟ ولماذا لم تتم دراسة المشكلات التي حدثت أثناء التطبيق ومعالجتها؟ من المؤكد أن توفير التقنيات الحديثة ليست السبب، لكن برنامج «تطوير» أوقف المشروع دون معرفة لسلبياته وإيجابياته؟ ونتطلع إلى أن يقوم وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ وبما توفر لديه من خبرة طويلة في مجال التعليم حينما كان نائباً لوزير التعليم أن يبحث في مشكلات توقف هذا المشروع الحيوي، وما الفوائد التي تحققت من التجربة حتى وإن توقف في الوقت الحاضر، خاصة أن مشروع «تطوير» لم يتوقف عن مبادراته المتعلقة بتطوير التعليم وتحسين مخرجاته، فلجأ بعد ذلك إلى التعاون مع شركة «ماكينزي العالمية» في إدارة برنامج «تطوير» لينطلق بعدها برؤية وهيكلية مختلفة، فتم تقسيم المشروع إلى شركات قابضة هي: شركة تطوير للنقل المدرسي، وشركة تطوير المباني التعليمية، وشركة تطوير للخدمات التعليمية. ومازلنا ننتظر الكثير من الإجابات حول هذه المبادرة التي توقفت في وقت نتحدث فيه عن التطوير والتحسين لنظامنا التعليمي.

وجانب آخر بادر مشروع «تطوير» إلى تطبيقه، وهو مشروع «بوابة المستقبل» الذي يهدف إلى الاستغناء عن الكتاب المدرسي وتعويضه بالكتاب الإلكتروني، والذي من المنتظر تطبيقه تدريجياً اعتباراً من الفصل الدراسي الحالي، ولعلي أتناوله في مقالتي القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى