تعرّق على” حكيم العرب “.. شاعر جاهلي .. من أشهر قضاة الطائف، أحكامه قوانين وحرم الميتة والخمور والزنا وأوجب الختان
صحيفة كل الصحف – راشد العثمان
عامر بن الظرب العدواني من شعراء العصر الجاهلي، والملقب بـ ” حكيم العرب “، وكان من أشهر القضاة في الطائف، صارت أحكامه قانون يلجأ الناس إليه، وكان ممن حرموا أكل لحم الميتة والخمور والزنا في الجاهلية، كما اوجب ختان الذكر والأنثى.
ولد عامر بن الظرب العدواني عام 370 م، وتوفى عام 455 م، وهو ينتمي إلى قبيلة عدوان المعدية العدنانية الحجازية، وكان يشتهر بنزاهته وعدالة حكمه لذا فقد لقب بحكيم العرب، وكان قاضي يلتجأ الناس إليه للحكم بينهم، وقد قنن عامر العديد من الأحكام والقوانين أشهرها قانون الخلع، حيث وضع قانون يفرق به بين الرجل وزوجته إذا أقرت المرأة بنفورها من زوجها، كما أنه من أقر ختان الذكر والأنثى، وهي عادة طبقها العرب لسنين طويلة حتى بعد ظهور الإسلام .
نسبه
هو: عامر بن الظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
سيرته
ولد عامر في الحجاز، قبل عام الفيل بـنحو قرنين، ونشأ في بيت علم، حيث كان والده قارىء كاتب، فتعلم القراءة و الكتابة والانساب وتعاليم ملة إبراهيم عليه السلام، وكان ابوه الظرب العدواني من كبار الحنفاء في الحجاز.وكان عامر في شبابه المبكر يجالس حكماء الطائف، ويدون مايسمعه من الحكم، فتميز على أقرانه بالرأي، فأسس دار الحكمة بالطائف، فكان لايقضى أمراً للعرب الا بها، ومن هنا جاءت تسميته بحكيم العرب.
احكامه
قنن عامر بن الظرب العديد من القوانين والاحكام، أبرزها قانون الخلع، ففرق بين الزوج وزوجته التي عافته ونفرت منه، ورد عليه الصداق، وقد وافق حكمه حكم الإسلام. ومن القوانين التي قننها أيضاً عامر بن الظرب (تخصية الزاني والعبد والمجنون)، وختان الذكر والأنثى، وطبقها العرب سنين طويلة حتى مجيء الإسلام.
و لنزاهة احكامه و عدل قضاءه، ذاع صيت عامر في أنحاء الجزيرة العربية، فكان بعض اليهود والنصارى يأتون إلى الطائف قادمين من يثرب واليمن وبصرى لكي يحتكمون عند عامر بن الظرب، فحكم لهم بتحريم زواج الرجل من زوجة أبيه وزوجة أخيه، وتحريم اكل الميتة والزنا وشرب الخمر.
أدبه
“يا معشَرَ عدوان، لا تشمتوا بالذّلَّة، ولا تفرحوا بالعزَّة، فبكلّ عيش يعيش الفقير مع الغنيّ، ومن يَرَ يومًا يُرَ به، وأعدّوا لكلّ أمر جوابه، إنَّ مع السَّفاهة الندم، والعقوبة نكال، وفيها ذمامة، ولليد العليا العاقبة، وإذا شئت وجدت مثلك، إنَّ عليك كما أنَّ لك، وللكثرة الرعب، وللصَّبر الغلبة، ومن طلَب شيئًا وجده، وإن لم يَجِدْه أوشك أن يقع قريبًا منه”.
“إني ما رأيت شيئاً خلق نفسه ولا رأيت موضعاً إلا مصنوعاً ولا جاثياً إلا ذاهباً، ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء”
خطبه
من خطب عامر بن الظرب حين خطب صعصعة بن معاوية إلى عامر ابنته عمرة فقال: يا صعصعة انك جئت تشتري مني كبدي وأرحم ولدي عندي منعتك أو بعتك، النكاح خير من الأيمة والحسيب كفء الحسيب والزوج الصالح أب بعد أب وقد أنكحتك خشية ألا أجد مثلك أفر من السر إلى العلانية، أنصح ابناً وأودع ضعيفاً قوياً ثم أقبل على قومه فقال يا معشر عدوان أخرجت من بين أظهركم كريمتكم على غير رغبة عنكم ولكن من خط له شيء جاءه. رب زارع لنفسه حاصد سواه ولولا قسم الحظوظ على قدر الجدود ما أدرك الآخر من الأول شيئاً يعيش به ولكن الذي أرسل الحيا أنبت المرعى ثم قسمه أكلا، لكل فم بقلة ومن الماء جرعة، إنكم ترون ولا تعلمون، لن يرى ما أصف لكم إلا كل ذي قلب واع ولكل شيء راع ولكل رزق ساع، إما أكيس وإما أحمق وما رأيت شيئاً إلا سمعت حسه ووجدت مسه ولا نعمة إلا ومعها بؤس. ولو كان يميت الناس الداء لأحياهم الدواء فهل لكم في العلم العليم / قيل: ما هو قد قلت فأصبت وأخبرت فصدقت / فقال: أموراً شتى وشيئاً شيا حتى يرجع الميت حياً ويعود لا شيء شيا ولذلك خلقت الأرض والسموات.
شعره
أفضل قصائد عامر بن الظرب العدواني ” حكيم العرب “
1- قصيدة لَعَمري لَقَد ذَهَبَ الأَطيبانِ
لَعَمري لَقَد ذَهَبَ الأَطيبانِ
شَبابي وَلَهوي فَعَدّوا المَلاما
أَلَم تَرَ أَنّي إِذا ما مَشَيتُ
أُخَطرِفُ خَطوي وَأَمشي أَماما
وَأَكرَهُ شَيءٍ إِلى مُهجَتي
إِذا ما جَلَستُ أُريدُ القِياما
وَأَشهَرُ لَيلي عَلى أَنَّني
أُراعي الدُجى ما أَذوقُ المَناما
وَأَرمي بِطَرفي إِذا ما نَظَرتُ
كَأَنَّ عَلى الطَرفِ مِنّي غَماما
عَدُوُّ النِساءِ قَليلُ العَزاءِ
كَثيرُ الأَسى ما أَلَذُّ طَعاما
أَرى شَعراتٍ عَلى حاجِبَيَّ
بيضاً رقاقاً طِوالاً قِياما
أَظَلُّ أَهاهي بِهِنَّ الكِلا
بَ أَحسَبُهُنَّ صِواراً قِياما
أَظَلُّ أُراعي بِهِنَّ النُجومَ
أَراها هِلالاً عَلا فَاِستَقاما
وَأَحسَبُ أَنفي إِذا ما مَشَي
تُ شَخصاً أَمامي رَآني فَقاما
أُرَجّي الحَياةَ وَطولَ البَقاءِ
وَعَفوَ السَلامَةِ عاماً فَعاما
وَهَيهاتَ هَيهاتَ هَذا الرَدى
يُريدُ صُروفاً لِيَقضي حِماما
وَلا بُدَّ لي مِن بُلوغِ المَدى
وَأَلحقَ عاداً وَنوحاً وَساما .
2- قصيدة أولَئِكَ قَومٌ شَيَّدَ اللَهُ فَخرَهُم
أولَئِكَ قَومٌ شَيَّدَ اللَهُ فَخرَهُم
فَما فَوقَهُم فَخرٌ وَإِن عَظُمَ الفَخرُ
أُناسٌ إِذا ما الدَهرُ أَظلَمَ وَجهُهُ
فَأَيديهُمُ بيضٌ وَأَوجُهُهم زُهرُ
يَصونونَ أَحساباً وَمَجداً مُؤثَّلاً
بِبَذلِ أَكفٍّ دونَها المُزنُ وَالبَحرُ
سَمَوا في المَعالي رُتبَةً فَوقَ رُتبَةٍ
أَحَلُّتهُمُ حَيثُ النَعائِمُ وَالنَسرُ
أَضاءَت لَهُم أَحسابُهُم فَتَضاءَلَت
لَنورِهُمُ الشَمسُ المُنيرَةُ وَالبَدرُ
فَلَو لامَسَ الصَخرَ الأَصَمَّ أَكُفُّهُم
لَفاضَ يَنابيعَ النَدى ذَلِكَ الصَخرُ
شَكَرتُ لَهُم آلاءَهُم وَبلاءَهُم
وَما ضاعَ مَعروفٌ يُكافِئُهُ شُكرُ
وَلَو كانَ في الأَرضِ البَسيطَةِ مِنهُم
لِمُعتَبَطٍ عافٍ لَما عُرِفَ الفَقرُ .
3- قصيدة تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَتني كَأَنَّني
تَقولُ اِبنَتي لَمّا رَأَتني كَأَنَّني
سَليمُ أَفاعٍ لَيلُهُ غَيرُ مودَعِ
فَما السَقمُ أَبلاني وَلَكِن تَتابَعَت
عَلَيَّ سِنونٌ مِن مَصيفٍ وَمَربَعِ
ثَلاثُ مِئينَ قَد مَرَرنَ كَوامِلاً
وَها أَنا هَذا أَرتَجي مَرَّ أَربَعِ
فَأَصبَحتُ مِثلَ النَسرِ طارَت فِراخُهُ
إِذا رامَ تَطياراً يُقالُ لَهُ قَعِ
أُخَبِّرُ أَخبارَ القُرونِ الَّتي مَضَت
وَلا بُدَّ يَوماً أَن يُطارَ بِمَصرَعي .
4- قصيدة إِن أَشرَبِ الخَمرَ أَشرَبها لِلَذَّتِها
إِن أَشرَبِ الخَمرَ أَشرَبها لِلَذَّتِها
وَإِن أَدَعها فَإِنّي ما قِتٌ قالِ
لَولا اللَذاذَةُ وَالقَيناتُ لَم أَرَها
وَلا رَأَتني إِلّا مِن مَدىً عالِ
سلابَةً لِلفَتى ما لَيسَ في يَدَيهِ
ذَهّابَةً بِعُقولِ القَومِ وَالمالِ
مورِثَةُ القَومِ أَضغاناً بِلا إِحَنٍ
مُزرِيَةٌ بِالفَتى ذي النَجدَةِ الحالِ
أَقسَمتُ بِاللَهِ أَسقيها وَأَشرَبُها
حَتّى يُفَرِّقَ تُربُ القَبرِ أَوصالي .
5- قصيدة قُضاعَةَ أَجلَينا مِنَ الغَورِ كُلِّهِ
قُضاعَةَ أَجلَينا مِنَ الغَورِ كُلِّهِ
إِلى فَلَجاتِ الشامِ تُزجي المَواشِيا
لَعَمري لَئِن صارَت شَطيراً دِيارُها
لَقَد تَأصِرُ الأَرحامُ مَن كانَ نائِيا
وَما عَن تَقالٍ كانَ إِخراجُنا لَهُم
وَلَكِن عُقوقاً مِنهُمُ كانَ بادِيا
بما قَدَّمَ النَهدِيُّ لا دَرَّ دَرُّهُ
غَداةَ تَمَنّى بِالحِرارِ الأَمانِيا .
6- قصيدة أَصبَحَتُ شَيخاً أَرى الشَخصَينِ أَربَعَةً
أَصبَحَتُ شَيخاً أَرى الشَخصَينِ أَربَعَةً
وَالشَخصَ شَخصَينِ لَمّا شَفَّني الكِبَرُ
لا أَسمَعُ الصَوتَ حَتّى أَستَديرَ لَهُ
وَحالَ بِالسَمعِ دوني المَنظَرُ العَسِرُ
وَكُنتُ أَمشي عَلى الرِجلَينِ مُعتَدِلاً
فَصِرتُ أَمشي عَلى ما تُنبِتُ الشَجَرُ .
7- قصيدة فَسَعدٌ أَرحَلَت مِنها مَعَدّاً
فَسَعدٌ أَرحَلَت مِنها مَعَدّاً
وَكَيفَ تُصاقِبُ الداءَ الدَفينا
فَيا سَعدُ بنُ مالِكِ يا لَسَعدٍ
وَهَل سَعدٌ لِنُصحي يَنزِعونا
فَلا تُقصوا مَعَدّاً إِنَّ فيها
إِلافَ اللَهِ وَالأَمرَ السَنينا
فَمَذحِجُ قَد نَأى مِن بَعدِ قُربٍ
فَيا لِلَّهِ يا لِلمُسلِمينا .
8- قصيدة أَرى الدَهرَ سَيفاً قاطِعاً كُلَّ ساعَةٍ
أَرى الدَهرَ سَيفاً قاطِعاً كُلَّ ساعَةٍ
يُقَدِّمُ مِنّا ماجِداً بَعدَ ماجِدِ
وَأَنَّ المَنايا قَد تَريشُ سِهامَها
عَلى كُلِّ مَولودٍ صَغيرٍ وَوالِد
وَكُلُّ بَني أُمِّ سَيُمسونَ لَيلَةٌ
وَلَم يَبقَ مِن أَعيانِهِم غَيرُ واحِدِ .
9- قصيدة إِنّي غَفَرتُ لِظالِمي ظُلمي
إِنّي غَفَرتُ لِظالِمي ظُلمي
وَتَرَكتُ ذاكَ عَلى عِلمي
فَرَأَيتُهُ أَسدى إِلَيَّ يَداً
لَمّا أَبانَ بِجَهلِهِ حِلمي .
10- قصيدة قالَت إِيادٌ قَد رَأَينا نَسَبا
قالَت إِيادٌ قَد رَأَينا نَسَبا
في اِبنَي نَزارٍ وَرَأَينا غَلَبا
سيري إِيادُ قَد رَأَينا عَجَبا
لا أَصلُكُم مِنّا فَسامي الطَلَبا
دارَ ثَمودٍ إِذ رَأَيتِ السَبَبا .