متحدياً إعاقة أطرافه العليا طالب يقطع 600 كلم بسيارته (متطوعاً) للمشاركة في جناح التعليم بالجنادرية

لم ينتظر إدراج اسمه ضمن الوفود المشاركة من المناطق والمحافظات في جناح وزارة التعليم بالجنادرية 33 ، ولم يبحث عن أمر إركاب يقله بالطائرة حتى يتمكن من الانضمام للمشاركين في جناح وزارة التعليم ، لذا قرر طالب الكلية التقنية فيصل حمد القحطاني (24) عاماً والذي يعاني من نقص في أطرافه العليا ( اليدين) أن يقطع بسيارته الخاصة 600كلم من مقر إقامته في وادي الدواسر إلى العاصمة الرياض رغبة في الانضمام (متطوعاً) ضمن فريق عمل ( وادينا للعمل التطوعي) والذي تشارك به إدارة التعليم بمحافظة وادي الدواسر في المهرجان الوطني للتراث والثقافة .
يذكر فيصل أثناء مروره على نقاط التفتيش أن علامات الدهشة كانت ترتسم على وجوه رجال الأمن عندما يرونه يقود سيارته ذات المحرك العادي بقدرة فائقة مع التحكم بالمقود مثلما
هو حال من يمتلك أطرافاً كاملة .
ومن ركام حياة البادية التي قضاها مع أسرته يروي فيصل تفاصيل أوسع عن (طفل بلا يدين ) تأخرا والداه في تسميته بعد الولادة ظناً منهما أنه لن يعيش طويلاً ، معدداً مناقب والده -رغم أميته- كونه نجح في التعامل مع (إعاقة ) ابنه البكر
مما كان له أكبر الأثر على شخصيته اليوم.
ويضيف ” ألهمتني طريقة تعامل والدي – رحمه الله – معي منذ الطفولة ، وهو يرى ابنه الأول ناقص (يدين) ليسند لي بعض المهام كقيادة الجمال لمسافات طويلة ، والمساعدة في نصب الخيام ، والتدرب على قيادة سيارة الصهريج ( الوايت )، ونقل أكياس الدقيق والأرز ، وكل هذه المهام أعطتني ثقة في النفس ، وقدرة في تحمل الصعاب ”
ويصف القحطاني مراحل تعليمه عندما استطاع ولأول مره الإمساك بالقلم عبر الجزء المتبقي من ذراعه الأيمن، ليكتب بخط جيد ومقروء ، وينال به ثقة معلميه ، و ثناء زملائه الطلاب ، الأمر الذي دفعه لمواصلة دراسته حتى حصل على الثانوية العامة في المسار العلمي بتقدير (جيد جداً) ، ليقرر بعدها مواصلة طموحه بدراسة تخصص ( هندسة الشبكات ) في إحدى الجامعات بالهند و الذي لم يتحقق بسبب عودته اضطراراً للوقوف بجانب أسرته لرعاية إخوته.
وعن قصة التحدي التي كابدها في مراحل سنيه الأولى يذكر أنه ينسى أحيانا نقص أطرافه ، إذ لا يتذكرها إلا من خلال نظرات وأحاديث أقرانه في مرحلة ما بعد المتوسطة ، مشيراً أن أكثر ما يزعجه هي نظرات الشفقة أو العجز التي تصدر عن بعض الأشخاص ممن يكبرونه سناً .
(رصاصة الرحمة) التي ظل بعض أفراد المجتمع يصوبها عليه بين فترة وأخرى سرعان ما تلاشت عندما أظهر الشاب قدرات عاليه بأنه يستطيع أن ينجز ، ويقوم بمهام يفوق بها أقرانه ، وربما لم يستطيع مكتملي الأطراف القيام بها .
وفي ثنايا حديثه عن الإصرار والتحدي الذي يشعل الأمل لدى أصحاب الهمم يرجح فيصل سبب ولادته ناقص الأطراف ( اليدين ) إلى دواء تناولته والدته خلال فترة الحمل كان سبباً في إحداث طفرة جينيه عليه ، مؤكداً رفضه أي محاولات لزراعة أطراف في كلتا يديه كونه يعتبر نفسه يعيش حياة طبيعية، قادراً على إستيفاء متطلبات الحياة ، بعدما أثبتت الفحوصات الطبية التي أجراها أن إعاقته لا علاقة لها بالجينات الوراثية .
وتلخصت رسالة القحطاني التطوعية لزوار جناح وزارة التعليم بالجنادرية 33 بعد انضمامه لفريق ( وادينا التطوعي ) وذلك بتصميم رسائل تحفيزية لطلاب وطالبات المدارس ، والجامعات تستلهم الإرادة وأن الإعاقات تتلاشى بسبب ما يمارس من أعمال ، وما ينجز من مهام وبالذات في مجال العمل التطوعي الذي حث عليه ديننا الإسلامي وقيمنا الانسانية .