قائدو الشاحنات والحافلات.. مخالفات وتهور ومن أمن العقوبة أساء الأدب
بالرغم مما تبذله إدارات المرور لتقليل أثر تهور قائدي الشاحنات إلا أن هذه الجهود، تبقى لا تفي بالمطلوب، فما زلنا نرى الكثير من المخالفات، منها: مانراه على الطرق السريعة من تجاوزات في السرعة والتهور واستهتار بسالكي الطرق من السيارات الصغيرة.
ولم يقتصر التهور على قائدي الشاحنات، بل وقائدو الحافلات الذين لايقل خطرهم أيضاً عن سابقيهم، حيث تزايدت حوادثها في الآونة الأخيرة، ويذهب ضحيتها عشرات الركاب ما بين المدن وما يحدث بسبب الاستهتار والتهور من وفيات وإصابات، كذلك سائقو الحافلات التي تقل العمالة الخاصة بالمشروعات الإنشائية، وما في حكمها، فهي الأخرى تستوجب أن تتم إعادة التعامل معها إما برفع قيمة مخالفاتها المرورية أو تشديد الإجراءات في منح رخص القيادة لسائقيها، فحافلة تُقل أكثر 50 راكبًا من غير المعقول أن تكون مخالفتها بمقدار مخالفات شاحنة يقودها شخص واحد، أو سيارة صغيرة، قد لا يعود تهور قائديها إلّا بالضرر على أنفسهم.
ولقد أصبحنا نقرأ ونشاهد يومياً حوادث شنيعة تسببت بها الشاحنات والحافلات الكبيرة، والتي تسببت في إزهاق أرواح بريئة.
أمن الطرق
ولاشك أن هناك جهوداً كبيرة تقوم بها دوريات أمن الطرق، ولكن تلك الجهود تنحصر في دائرة مراقبة حركة السير وضبط المخالفات والتجاوزات على بعض الطرق، ولكن هناك طرقاً قد لاتتواجد بها دوريات أمن الطرق باستمرار.
ودائماً ما تتكرر الشكاوى من تهور بعض قائدي الشاحنات الذين لا يبالون بما قد يتعرض له الآخرون، من خلال سرعتهم الزائدة على الطرق السريعة، أو بالتجاوزات الخطرة والمتهورة، والتي من الممكن أن تُعرض حياة السائقين والركاب في السيارات الأخرى إلى مخاطر شديدة، مما يتطلب الحزم وتغليظ العقاب في تطبيق النظام، وردع تجاوزات المتهورين ليكونوا عبرة لغيرهم، بما يساهم بمزيد من الانضباط؛ لتتحقق السلامة المرجوة لمستخدمي الطرق السريعة.
وللأسف لم يقتصر خطر الشاحنات والحافلات على الطرق بين المدن بل ويمتد إلى الاستهتار بدخول تلك الشاحنات الكبيرة إلى طرق المدن الرئيسة في أوقات الذروة، وتحديداً خلال الساعات الأولى من الصباح -التي تبدأ من السادسة صباحاً وحتى التاسعة- ما يسهم في زيادة الازدحام المروري وتعريض سلامة سالكي الطرق للخطر.
وهناك من يرى أهمية ربط المخالفات المرورية بحق الشاحنات والحافلات الكبيرة بإقامات سائقيها، بحيث أن من يرتكب عددًا معينًا من المخالفات يكون مصيره الإبعاد خارج البلاد.
عين الرقيب
لقد أصبح أفراد المجتمع هم عين الرقيب وخير شاهد على تهور سائقي الشاحنات والحافلات الكبيرة، من خلال مقاطع الفيديو التي يتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها على سبيل المثال: مقطع يظهر من خلاله قائد شاحنة يسير بتهور وسرعة جنونية متجاوزاً المركبات الأخرى، فيتسبب بالاصطدام بعدد من المركبات الصغيرة غير آبه بالعواقب معرضاً سالكي ومستخدمي الطريق للخطر.
وبحسب البلاغات الواردة من مواطنين ومقيمين عن تعرض مركباتهم للصدم العمد من قبل تلك شاحنة التي تسير بتهور بأحد طرق الرياض، مما نتج عنه إحداث تلفيات بعدد من المركبات، وقوع إصابات لمستخدمي الطريق، ولم يوقف ذاك المتهور إلا ارتطام الشاحنة بحواجز إسمنتية على جانبي الطريق. وحين مباشرة الأجهزة الأمنية الحادثة تم ضبط قائدها الذي تبين أنه في حالة غير طبيعية، وجرى إيقافه بمركز الشرطة المختص وإجراء الفحوص المخبرية اللازمة بحقه تمهيداً لإحالته لفرع النيابة العامة بالمنطقة لينال جزاءه الرادع نظير قيادته الشاحنة تحت تأثير المسكر لما يترتب عليه من آثار في ترويع الآمنين وتعديه على الممتلكات.
اللامبالاة وأسبابها
وقد يكمن سبب تهور سائقي الشاحنات واللامبالاة التي أصبحت نموذجاً لقائدي الشاحنات وما في حكمها، قد يكون بسبب التأمين على الشاحنات لهذا لا يبالون بارتكاب الكثير من المخالفات، هذا ما يؤكده المواطن عبدالله بن دعفس الدعفس، مضيفاً: وقد يكون وجود التأمين سبباً لهذا السعار التهوري، ويقول: لكن برأيي ليس هو السبب الرئيس، فهو موجود -أي التأمين- في الدول المجاورة ولا نجد في مقابل ذلك استهتارًا من سائقي الشاحنات كما نراه هنا. لكن الذي جعل هذه العمالة تتمادى، هو ضآلة قيمة مخالفاتهم المرورية، والتي جعلها المُشرِّع المروري -للأسف- مساوية لقيمة مخالفات وتجاوزات السيارات الأخرى الصغيرة! لك أن تتصور أن قيمة المخالفات المرورية لسائق ناقلة وقود تحمل في خزانها 32 ألف لتر من البنزين غير وزنها الأصلي الذي يصل إلى عشرات الأطنان من الحديد، ويقوم بتجاوز السرعة النظامية أو يقطع الإشارة الضوئية أو غيرها من المخالفات الشنيعة، لك أن تتصور أنها هي نفسها قيمة المخالفات التي ترتكب بواسطة سيارة صغيرة!
هل حجم الخطر ونوعيته واحد في الحالتين حتى تتم المساواة بينهما؟! أترك الإجابة للقراء الكرام وللمسؤولين الذين وضعوا هذا النظام. وقال الدعفس: القاضي في المحكمة حكمه في جرائم الاعتداء على النفس يختلف باختلاف نوعية السلاح المستخدم فيها؛ فعقوبة استخدام السلاح الناري تختلف عن عقوبة الجرائم التي تُستخدم فيها السكاكين وتختلف عن تلك التي تُستخدم فيها العصي وتختلف عن تلك التي يكون الاعتداء فيها باليد فقط. وهذا ما يُفترض أن يتم تطبيقه في العقوبات المرورية؛ بحيث تكون قيمة مخالفات الشاحنات أعلى من قيمة مخالفات السيارات الأخرى.
مساواة غير عادلة
ويسترسل: الغريب أن المُشرِّع المروري قد فرّق بينها في قيمة رسوم رخص السير، فجعل قيمة رخصة السير الخاصة بالشاحنات أربعة أمثال قيمة رخصة سيارات النقل الخاصة، فكيف نأتي هنا ونساوي بينهما في قيمة المخالفات المرورية!
حتى شركات التأمين لا تساوي في أسعارها بين النوعين، فنجدها تفرض أسعارًا أعلى بكثير على الشاحنات، وترفعها من حين لآخر.
أيضاً نجد قيمة مخالفات الأوزان الزائدة التي تفرضها محطات وزن الشاحنات تصل إلى آلاف الريالات، فهل الإسفلت أغلى من حياة الإنسان حتى تكون هذه بالآلاف وتلك بالريالات! ولا ننسى أيضاً الحافلات، والتي زادت حوادثها في الآونة الأخيرة، وذهبت ضحيتها عشرات الأفراد ما بين وفيات وإصابات، فهي الأخرى تستوجب رفع قيمة مخالفاتها المرورية، فلا يُعقل أن تكون مخالفة حافلة تُقل على متنها50 راكبًا بنفس مقدار مخالفات السيارات الصغيرة، التي قد لا يعود تهور قائديها إلّا بالضرر على أنفسهم. ويقول: من وجهة نظري، أرى أن الحد الأدنى لمخالفات الشاحنات والحافلات يجب ألا يقل عن 1000 ريال في المرة الأولى، ويزيد مع تعددها، مع اللجوء إلى ترحيل السائقين من العمالة الوافدة الذين تتكرر منهم ارتكاب المخالفات. هذا ما أراه سيقضي على تهور هؤلاء وبشكل كبير، ويجعلنا نسير ونحن في مأمن من شرهم وأذاهم.
لقد تزايدت مخالفاتهم وتجاوزاتهم التي يرتكبونها: سرعة عالية، تجاوز غير نظامي، عدم تقيد بالسير في المسارات المخصصة للشاحنات، رداءة أو انعدام الإضاءة وخصوصاً الخلفية إلخ.
المصدر: الرياض