تركي الفيصل: التنافس الدولي في المنطقة يحتم الترويض لتعزيز الاستقرار
قدمت قمة «بيروت إنستيتيوت»، خارطة طريق لكبار صناع القرار العالميين والإقليميين والمبتكرين، لتسريع التحول في المنطقة العربية، وتحقيق الاستقرار الإقليمي المنهجي والمستدام. وخلال مؤتمر صحافي عُقد بفندق سانت ريجيس أبوظبي، تم الإعلان عن توصيات قمة «بيروت إنستيتيوت» التي عقدت في أبوظبي مايو الماضي، والتي تضمنت 5 محاور دعت إلى أهمية تعزيز القوى الداعمة للاستقرار في المنطقة، بإيجاد الظروف والقدرات اللازمة لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وتشجيع الحوكمة الرشيدة في كافة أنحاء الوطن العربي، من خلال توسيع نماذج الحوكمة الرشيدة لتحقيق اندماج أفضل للأفراد، كما دعت القمة إلى تسريع عجلة التنمية الاقتصادية الإقليمية المترابطة وتبني رؤية للمستقبل تحتضن التكنولوجيا الحديثة.
وأكد صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل الرئيس المشارك لمؤتمر «بيروت إنستيتيوت» ورئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، أن تنافس الدول العظمى في منطقة الشرق الأوسط يحتم على دول المنطقة ترويض هذا التنافس والسعي إلى تعزيز الاستقرار الإقليمي، والتركيز على مواجهة التحديات المحدقة بالمنطقة، لافتاً إلى أنه من دون إيجاد عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة أو تبني رؤى للمستقبل.
وقال الأمير تركي الفيصل: «في شهر مايو السابق، جمعت «بيروت إنستيتيوت» مجموعة متميزة ومتنوعة من كبار المسؤولين الحكوميين، والشخصيات البارزة من القطاعين العام والخاص، وقادة الجيل الجديد من جميع أنحاء المنطقة العربية والعالم، من أجل إيجاد رؤى صريحة ومبتكرة وعملية بشأن مسارات العمل المحددة التي يمكن للمنطقة العربية من خلالها بناء مشاركتها بشكل فعال في المستقبل العالمي النامي وخدمة مصالح جميع أفراد شعوبها، وتمثل التوصيات الناتجة خارطة طريق سياسية تستحق النظر من جانب القادة في جميع أنحاء المنطقة».
وشملت التوصيات خمسة محاور جاء في مقدمتها تعزيز القوى الداعمة للاستقرار، إذ أن المشاركة الناجحة للمنطقة العربية في المستقبل العالمي الناشئ، يتطلب الاستفادة من القيمة المحتملة الهائلة المرتبطة بموقعها الجغرافي الاستراتيجي بين ثلاث قارات، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون استقرار «جيوسياسي».
وأوصى التقرير بإرساء أسس استراتيجية للاستقرار الإقليمي من خلال قيادة تحالفات كبرى قائمة على المصالح المشتركة والتكامل الاستراتيجي العربي العميق، ونزع فتيل الخلافات عبر التركيز على الائتلاف، وتعزيز القومية والحكومات المحلية، ودفع التقدم في القضية الفلسطينية. وأكد التقرير على الحاجة للانتقال إلى نموذج جديد للتنمية الاقتصادية المستدامة المحلية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي، بهدف تسريع عجلة التنمية الاقتصادية الإقليمية المترابطة، وذلك بتفعيل التكامل الاقتصادي الإقليمي، والاستثمار في البنية التحتية المترابطة إقليميا، وتهيئة بيئة مواتية لريادة الأعمال، وتكوين شراكات منتجة بين القطاعين العام والخاص.
وشددت القمة في توصياتها على تشجيع الحوكمة الرشيدة، ودعم التقدم التعاوني، وتعزيز التمثيل المحلي اللامركزي، والمشاركة في صنع السياسات من خلال تمكين الهيئات المحلية، والحد من الانقسامات السياسية الطائفية من خلال تقديم المزيد من العمليات السياسية الشاملة.
كما أشارت التوصيات لضرورة تمكين الشعوب المتنوعة في المنطقة العربية، لذا يتوجب على قادة المنطقة أن يأخذوا على عاتقهم السعي نحو مستقبل أكثر شمولا وتسامحا في المنطقة، وذلك عبر تعزيز قيم الاندماج والتسامح والتقدم، وتمكين النساء في المنطقة بشكل منهجي، وتبني رؤية جامعة تتطلع إلى المستقبل.
ودعمت القمة في توصياتها تبني رؤية للمستقبل تحتضن التكنولوجيا، لضمان أن تكون المنطقة قادرة على المنافسة في المستقبل العالمي، وهو ما يحتم على المنطقة العربية احتضان التحولات الجذرية بسرعة، من خلال الاستثمار في تعزيز البنية التحتية المترابطة في العالم العربي، والاستفادة من التكنولوجيا لتمكين الحكومات المحلية، وزيادة الشفافية، وتعزيز المعرفة القانونية، ومكافحة الفساد، ونشر تكنولوجيات جديدة لتمكين إدارة أكثر كفاءة واستدامة للموارد الحيوية في جميع أنحاء المنطقة.
المصدر: الرياض