كيف رفعت #تسلا قيمتها السوقية إلى 53 مليار دولار في أسبوعين؟
تسلا الأمريكية لصناعة السيارات الكهربائية نجحت في رفع قيمة أسهمها خلال الأسابيع الماضية من 260 إلى 346 دولار، وهو ما أدى إلى زيادة بمقدار 13 مليار دولار في قيمة الشركة السوقية ، وفي نفس الوقت وبامتلاكه لـ33.7 مليون سهم في شركة تيسلا زادت ثروة ايلون ماسك بمقدار 2 مليار و 898 مليون في 13 يوماً دون أن يقوم بأي عمل إضافي .
وفي مقالنا اليوم سنحاول أن نلقي بعض الضوء على الأحداث خلال الفترة الماضية و التي أدت إلى هذه النتيجة…
وفي الحقيقة عزيزي القارئ فقد كانت الأمور صعبة قليلاً بالنسبة لشركة تيسلا هذا العام ، فقد اضطر ايلون ماسك للاعتذار بعد مشادة كلامية على تويتر مع أحد الغطاسين من فريق الإنقاذ الذي أنقذ 12 طفلاً تايلندياً ، وتعرض ايلون ماسك لانتقادات شديدة على وسائل التواصل الاجتماعي على إثرها
وبعدها بقليل اتهمه أحد الموظفين السابقين لدى شركة تسلا بالخداع وبصنع منتجات بمستوى جودة أقل من المعايير المعتمدة .
كما أعلن (ايلون ماسك) أنه سيجعل شركة تسلا شركة خاصة ، ولكنه تراجع عن هذا القرار في وقت لاحق ما دفع بهيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية إلى تغريمه 20 مليون دولار شخصياً وأجبرته على التنحي عن رئاسة الشركة .
وحتى أكثر المشجعين حماسة للسيارات الكهربائية وسيارات تيسلا أصبح لديهم بعض الشكوك حول مستقبل الشركة في تلك الفترة ومصير مديرها التنفيذي الطموح .
إلا أن هذه الشركة والتي كانت تبلغ قيمتها السوقية 44 مليار دولار قبل بضعة أسابيع فقط نجحت في رفع قيمتها بمقدار 33% تقريباً لتصل إلى 57 مليار دولار وفي وقت قياسي ، ولنعرف كيف حدث هذا فيجب أن نراجع التحديثات التي أجرتها شركة تيسلا على بيانها المالي في الربع الثالث من عام 2018 .
وهو في الحقيقة السبب الرئيس في ارتفاع أسعار أسهم تيسلا
فعلى الرغم من أن الشركة ما زالت تنتج سيارات تيسلا موديل اس ، إلا أن أهم ما يراقبه المستثمرون في هذا الوقت هو أداء سيارة تيسلا موديل 3 ، حيث يعتبر الربع الثالث من عام 2018 أول ربع يتم فيه إنتاج سيارة موديل 3 بكميات كبيرة على نحو متواصل دون انقطاع ، بمعدل 4300 سيارة في الأسبوع الواحد تقريباً ، و.يشكل هذا مقياساً لقدرة شركة تيسلا على تحقيق الأرباح في المستقبل .
ووفقاً لما جاء في البيان الرسمي الصادر عن شركة تيسلا فقد نجحت تيسلا في خوض التحدي ، فحققت أرباحاً تزيد على 300 مليون دولار من عائدات بلغت 6.8 مليار دولار
وهو ما فاجأ المحللين الماليين لأنهم كانوا يعتبرون هذا الإنجاز مستحيلاً في الوضع الطبيعي
حيث يعتمد المحللون على بيانات حول عدد السيارات التي تنتجها شركات السيارات أسبوعياً من خلال دائرة الترخيص في الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى بعض النماذج الحسابية ، وهو ما يمكنهم من الوصول إلى توقعات دقيقة تقارب بشكل كبير معدل الإنتاج الفعلي للشركات .
وهكذا فمن المفترض أن نستطيع توقع حجم إيرادات شركة تسلا خلال الربع الثالث ، إلا ان الأرقام الحقيقية جاءت بخلاف التوقعات وسجلت تيسلا أرباحاً بدلاً من الخسائر المتوقعة .
وجاء هامش الربح الإجمالي لشركة تسلا أكبر بكثير من الهامش المعتاد في قطاع صناع السيارات، وبالتالي حققت تيسلا أرباحاً أكثر من السيارات المباعة ، بلغت 20% مقارنة بهامش الربح المعتاد لشركات السيارات التقليدية والذي يتراوح بين 5 و 10% ، وهو ما جول الخسارة المتوقعة في الربع الثالث إلى أرباح بقيمة 312 مليون دولار .
إذن ، فهذا كان السبب الرسمي وراء ارتفاع أسهم شركة تيسلا المفاجئ مؤخراً ، وهو أداء رائع فاق كل التوقعات بفارق كبير كما تلاحظ عزيزي القارئ !
ولكن لا بد أن هنالك أسباباً أخرى جعلت كل الخبراء في العالم يخطئوا في توقعاتهم حول أداء تيسلا المالي
ومنها على سبيل المثال أن المحللين هم من الخبراء الماليين التقليديين وليسوا خبراء في الشركات التكنولوجية ، فهم بارعون ودقيقون جداً في تحليل البيانات المالية للشركات وإدارة تصور المستثمرين، ولكنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية فيما يتعلق بالتكنولوجيا التي تقوم عليها الشركات ، وهنا يكمن السر .
فالمحللون التقليديون يعاملون تيسلا كشركة سيارات عادية ويقومون باحتساب قيمة أسهمها على هذا الأساس ، ولكن في الحقيقة فإن الناس يقبلون على شراء أسهم تيسلا بسبب القصة التي يعرفونها عن نشأتها وتطورها ، وكذلك لأنهم يتوقعون المزيد من النجاح والتطور للشركة ، ففي الحقيقة شركة تيسلا تنتمي إلى قطاع الشركات التكنولوجية مثل اوبر و كريم أو حتى جوجل ، أكثر مما تنتمي لقطاع تصنيع السيارات بالمعنى التقليدي .
وما يميز هذه الشركات التكنولوجية هو أنها تراهن على المستقبل
فبينما تهدف عملية التحليل المالي للشركات الكلاسيكية إلى الوصول إلى إرشادات مؤكدة للمستثمرين وتخبرنا عن القيمة الحقيقية للشركات ، إلا أنه وفي عالم الشركات التكنولوجية يجب أخذ عوامل إضافية بعين الاعتبار إلى جانب البيانات المالية، مثل مؤسسي الشركة ومدرائها ، وفرص تطورها في المستقبل ، وفريق العمل الذي تتألف منه الشركة .
والأهم من ذلك كله التكنولوجيا التي تقوم عليها الشركة.
لذلك على سبيل المثال نجد أن قيمة شركة أوبر تقدر بحوالي 70 مليار دولار دون أن تحقق الشركة أي أرباح ، لأن الناس لا يستثمرون في حاضر الشركة وإنما في مستقبلها.
إذن ما سبب هذا الارتفاع الكبير في قيمة تسلا من 44 إلى 57 مليار دولار؟
برأينا عزيزي القارئ ، نعتقد أن هذه هي قيمة شركة تيسلا الحقيقية بالأصل (57 مليار) ، وإلا فكيف تستطيع شركة سيارات أن ترفع من قيمتها بهذا القدر في أسبوع واحد فقط !
من الناحية الفنية والصناعية لم يتغير شيء في شركة تيسلا ، ولكن ما تغير هو نظرة المستثمرين لهذه الشركة وتصورهم لمستقبلها ، هذا هو التغير الكبير في الحقيقة.
فإذا نظرت إلى توجهات صناعة السيارات في أنحاء العالم ستجد أن التحول إلى السيارات الكهربائية يتزايد بوتيرة متسارعة ، وشركة تسلا تتميز بكونها واحدة من الشركات القلائل في العالم التي تقود هذا التوجه وتحاول تسريعه أكثر .
أما شركات السيارات التقليدية في المقابل فتعتبر أن التحول إلى السيارات الكهربائية سيخفف من مبيعاتها من السيارات العادية ، لذلك فمعظم هذه الشركات ليست مستعجلة في الحقيقة لإجراء هذا التحول ، والذي يبدو أنه قادم لا محالة .
وفي هذا السياق من الممكن أن نفهم اهتمام شركات السيارات الصينية في إنتاج السيارات الكهربائية ، حيث تقع السيارات الصينية اليوم في آخر قائمة السيارات على مستوى العالم من حيث القيمة ، وهم مصممون على انتهاز الفرصة للتفوق على شركات السيارات الأمريكية واليابانية والأمانية في المستقبل ، من خلال التقدم في مجال صناعة السيارات الكهربائية .
وربما بعد 20 عاماً من الآن ، ستكون سيارات جيلي و BYD و تيسلا هي المسيطرة على سوق السيارات العالمي بدلاً من سيارات جنرال موتورز وتويوتا وفولكس واجن ، وفيما قد يبدو هذا التوقع غريباً بعض الشيء إلا أنه اليوم أصبح أقرب للواقع من أي وقت مضى .
المصدر: عرب جي تي