إعلامنا في مواجهة الأزمات
تحدث د. علي القحيصالمدير الإقليمي لصحيفة الرياض بالإمارات في مقاله بجريدة الرياض قال فيه إعلامنا في مواجهة الأزمات وأضاف:
لعب الإعلام دوراً رئيساً خلال الأزمات على اختلافها، حيث يناط به الكثير من المهام، بالإضافة إلى كونه وسيلة تواصل بين الناس، ولكن متى يجب أن يكون هناك خلية أزمة إعلامية، وما الدور الذي تلعبه مثل هذه الخلية في أوقات الأزمات؟ وبسبب الدور الذي يلعبه الإعلام نسلط الضوء على بعض الملاحظات التي تمس الأداء الإعلامي، ولا سيما خلال الأزمات في هذه الظروف الراهنة.
هل الإعلام الحالي مهيأ للتعامل مع الأزمات؟ وما المطلوب للنهوض بالرسالة الإعلامية لكي تواكب تطور العصر والدفاع عن الأوطان؟
لابد من الإشارة إلى أن ما استدعى الحديث عن الإعلام ودوره المحوري، هو ما تشهده منطقتنا من أحداث ساخنة ومعقدة وصعبة، كما أن الكثير من الأزمات والأحداث الكبيرة التي شهدها العالم، كان للإعلام حصة الأسد فيها، حيث استطاع التأثير في مجريات الأحداث بشكل ملحوظ سلباً أو أيجاباً، حسب المحتوى.
ولذلك وجبت الإشارة إلى أن هذا الموضوع مدار البحث، ليس سوى محاولة لرؤية دور الإعلام على حقيقته، وهل كان بحجم المسؤوليات التي تلقى على كاهله في مواجهة الأزمات التي تعتري المنطقة هذه الأيام، وتعد كلمة «أزمة» واسعة في معناها، ويصعب حصرها في قضية محددة، وهي لذلك تعد من المفاعيم التي يصفها البعض بالمراوغة، التي يصعب تحديدها.
ويرى البعض أن ذلك يعود إلى الطبيعة الشمولية لهذا المصطلح، واتساع نطاق استخدامه، فهل يعني مثلاً أزمة الهوية أو الأخلاق، أو الأزمة الاقتصادية، أو السياسية أو المجتمعية، وهكذا نرى أن مصطلح أزمة هو مصطلح شمولي ناهيك عن خصوصية المنظور الذي ينظر من خلاله إلى هذه الأزمة أو تلك، ولذلك فقد نتج عن كثرة التعاريف، وتنوع المعالجات زيادة غموض هذا المفهوم.
ويحاول البعض الفصل بين مصطلح الأزمة وغيره من المصطلحات، كالمشكلة أو الحادث أو الصراع، مع أن هذين المصطلحين يقتربان إلى حد ما من مفهوم الأزمة وإن كان بحدة أقل ولكن قد تتحول هذه الحالات إلى أزمة، في حل لم يتم التصدي لها بشكل مدروس وسريع.
لا بد لنا من فهم العلاقة بين الإعلام والأزمات، فكما هو معلوم فإن إدارة الأزمات تعني من الناحية العلمية، الاستعداد لما قد لا يحدث من أزمات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية، أو كوارث طبيعية، كالزلازل والفيضانات، أو الحروب وما شابه، ووضع الخطط المناسبة للتعامل مع هذه الأزمات والاستشعار بالخطر قبل حدوثه، بشكل يساعد على التنبؤ بها قبل وقوعها، أو التقليل من خسائرها بعد وقوعها، ووجود إعلامي متخصص ومدرب.
والمتابع لسير التاريخ، بالنسبة للشعوب على اختلافها يلاحظ أن المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على فرق خاصة وكفؤة في التعامل مع الأزمات، وكيفية التعاطي معها كانت أصلب عوداً وأكثر قدرة على المواجهة، وتخفيف الخسائر وتشخيصها، من تلك المجتمعات التي انتهجت أسلوباً مغايرًا تمثل بالارتجالية، وبالتصدي العشوائي للأزمات والتعامل بطرق غير مدروسة سلفاً مع بؤر الصراع والتوتر وهو أمر يؤدي بطبيعة الحال إلى ضعفها وتفككها، خصوصاً أن الأزمات ليست حكراً على مجتمعات بعينها، وإنما هي ظواهر تاريخية ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع المراحل.