الدبلوماسية من أجل السلام.. درس سعودي في “العمق الإفريقي”
الرياض
فريق التحرير
يدلّ التجاوب الكبير من جانب دول القرن الإفريقي مع جهود السعودية لإنهاء النزاعات القائمة بينها، على ما حققته المملكة من نجاح سياسي كبير خلال السنوات الماضية، خاصة على صعيد توثيق علاقاتها مع “العمق الإفريقي”.
وفضلًا عن تأكيد المملكة الدائم على أهمية التعاون مع الدول الإفريقية، قدمت القيادة السعودية، خلال الأعوام الماضية، أكثر من إشارة تعكس عزمها الكامل على النجاح في هذا المسار، ومن ذلك تعيين السفير أحمد قطان في فبراير الماضي، وزير الدولة لشؤون القارة الإفريقية، وكذلك الزيارات المتعددة لمسؤولين سعوديين، أبرزهم وزير الخارجية عادل الجبير، إلى عدد من الدول الإفريقية، بجانب تكثيف أشكال التعاون الاقتصادي والفني في أكثر من مجال.
وحسب مراقبين “تعبر التحركات السعودية عن عمل ممنهج يستهدف توثيق العلاقات، عبر إيجاد هياكل مؤسسية؛ لضمان توطيد الروابط المشتركة، وتشكيل مجالس تعاون استراتيجي، وآليات مؤسسية للقاءات دورية متعددة المستويات”.
وخلال عدة جولات، قام بها وزير الخارجية عادل الجبير لجنوب إفريقيا، وزامبيا وأوغندا، وكينيا، وإثيوبيا، وبوركينا فاسو، وبنين وغيرها، استطاعت السعودية تأسيس قنوات تواصل دائمة، بدا أنها تمثل امتدادًا للقاءات المكثفة التي أجراها مع الزعماء الأفارقة في أديس أبابا أثناء القمة الأخيرة للاتحاد الإفريقي.
وعلى المستوى الاقتصادي انطلقت السعودية في عديد من المشاريع الثنائية مع عدد من بلدان القارة السمراء، على غرار تدشين جنوب إفريقيا والسعودية لمحطة طاقة شمسية قيمتها 328 مليون دولار في محافظة كيب الجنوب إفريقية الشمالية، بينما افتتح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وجاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا في محافظة الخرج (جنوب شرق العاصمة الرياض)، مصنعًا للقذائف تم إنشاؤه بترخيص ومساعدة من الشركة الجنوب إفريقية “راينميتال دينيل” للذخيرة، بتكلفة بلغت حوالي 240 مليون دولار لإنتاج ثلاثمائة مقذوف مدفعي، أو ستمائة مقذوف هاون يوميًّا.
وبالنظر إلى القرن الإفريقي، يشير الخبير السياسي المصري محمود ضياء، في مقال تحليلي نشره مؤخرًا، إلى أن “الاستراتيجية السعودية ترتكز على أساليب اقتراب تستند في جوهرها إلى تلبية حاجة دول القرن الإفريقي إلى دعم خطط التنمية الاقتصادية في شكل أساسي، فضلًا عن محاولة الحصول على أكبر قدر من المساعدات التي تتيح معالجة أوجه القصور التي تشهدها باقي المجالات بخاصة الأمنية والعسكرية”. مؤكدًا أن “المملكة نجحت في توظيف أدوات السياسة الخارجية كافة؛ لتحقيق مصالحها الوطنية في القرن الإفريقي، ومن أهم هذه الأدوات”: “تبادل التمثيل الديبلوماسي والزيارات مع معظم دول المنطقة، استقبال المملكة رؤساء إرتريا وجيبوتي والصومال والسودان، ورئيس الوزراء الإثيوبي، وكذا زيارة وزير الخارجية السعودي لكل من السودان وكينيا وتنزانيا”.
وجاء الاستثمار والتبادل والتجاري ضمن أبرز الأدوات التي استخدمتها المملكة لتعزيز علاقاتها بدول القرن الإفريقي، إذ تعدّ السعودية أكبر مستثمر خليجي في معظم دول المنطقة مثل السودان وإثيوبيا، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في إثيوبيا “294” مشروعًا، بقيمة 3 بلايين دولار.
وفضلًا عن فوائدها لشعوب دول القرن الإفريقي، تساهم التحركات السعودية في تعزيز الأمن الإقليمي والبحري بمضيق باب المندب، والحدّ من عمليات القرصنة وتحرك وتنقل المجموعات الإرهابية عبر البحار، وأيضًا السيطرة على عمليات تهريب السلاح إلى اليمن، أو مناطق الصراع في الشرق الأوسط.
المصدر: عاجل السعودية