مواطن يتمرد على المألوف ويعمل في “مغسلة ملابس”.. ويؤكد: “الخجل والخوف لا يصنعان المال”
في مشهد نادر ربما على المجتمع السعودي يقف الشاب “ماجد الصالحي” في مغسلة أمام طاولة يمسك بيديه كاوية الملابس؛ ليهيئ وينسق الملابس لزبائنه، ثم يترك مكانه قليلاً ليذهب إلى غرفة أخرى ملحقة بالمحل؛ ليقوم بشطف وغسل بعض الملابس التي تركها أحد الزبائن، ثم يعود ليقف أمام “كاونتر” ليستقبل زبائنه، ويحاسبهم على ما قدمه لهم من خدمات، متمرداً ربما على المألوف.
الشاب السعودي الذي لم يتجاوز عمره 33 عاماً اعترف لـ”سبق” أنه لجأ منذ عام تقريباً إلى هذا المجال الذي نادراً ما يعمل فيه سعوديون؛ لضيق ذات اليد، وحاجته إلى المال، خاصة وأنه يحمل على عاتقه هم إعالة أسرتين يبحثون عن العيش الكريم.
ويقول: “أعمل في هذا المجال لأنه جديد عليّ، وقد بدأت العمل فيه منذ سنة وشهرين تقريباً، وسبب عملي فيه لزيادة دخلي المادي؛ حيث إنني أعيل أسرتين”.
ويضيف ابن مدينة بريدة، التي تشتهر بزراعة أجود أنواع التمور: “استأجرت المغسلة من صاحبها الذي أكمل أغراضها كاملة وأعطاني إياها بإيجار شهري قدره 2500 ريال، على أن أتحمل إيجار العقار والكهرباء والماء”.
توقفت دراسته ولم تتوقف أحلامه
يحمل ماجد مؤهل الثانوية العامة، وتسببت ضعف القدرات المالية لأسرته في توقفه عن دراسته في جامعة الملك عبدالعزيز، ولكنها لم تتسبب في توقف أحلامه وطموحاته، وعشقه للمغامرة والتحديات، ومواصلة الكفاح.
ويشير الشاب إلى أنه يعمل وحده في المغسلة دون مساعدة من أحد: “ليس هناك من يساعدني، وأعمل وحدي من الساعة 4 عصراً حتى الساعة 12 ليلاً، وفي السابق كان لدي عامل، ولكني استبعدته؛ لقلة المردود المادي وعملت بعدها بمفردي”.
البعض يتخوف من دخول السعوديين مثل هذه المجالات، وزيادة أسعارها عن الطبيعي، لكن “الصالحي” يدحض تلك المخاوف، بقوله: “المغاسل أسعارها محددة من قبل وزارة التجارة حتى بعد الضريبة والزيادة في أسعار المواد لا تزال المغاسل على نفس أسعارها السابقة”.
طريق التحديات
قد يختار معظمنا في الحياة الطريق الأيسر والأسهل، والقلة منا من يعشقون المغامرة، ويسلكون الطريق الأصعب؛ ليحققوا ما يصبون إليه، ذلك ما يؤمن به “ماجد”، ويضعه نصب عينيه، وبرغم الانتقادات والأقاويل التي تطاله بسبب عمله في وظيفة يتأفف منها البعض تكبراً، فهو لا يلتفت لما يقولونه، خاصة مع التزاماته الثقيلة، ويقول: “من الطبيعي أن يكون هناك أناس سلبيين وآخرين إيجابيين، وأنا من النوع الذي أعشق التحديات، فطالما أنني أصرف على نفسي ومن أعول؛ فكلام الناس لا يقدم ولا يؤخر، والإشادات موجودة والانتقادات موجودة، ولكنني آخذ الإيجابيات وأتجاوز السلبيات”.
“الخجل والخوف لا يصنعان المال”.. هذه كانت رسالة الشاب المكافح الأخيرة لأقرانه من الشباب، ففي نهاية حديثه دعا الشباب السعودي إلى أن يحذوا حذوه، ولا ينتظرون الوظائف الحكومية والمكتبية، وأن يعملوا في أي مجال ما دام هو عمل شريف، يدر ربحاً لا مخالفة فيه قانونية أو شرعية.
المصدر: سبق