حكاية تعليق الأقفال في الجسور في العالم
المفتاح الوحيد الذي تتمني الفتاة ألا تجده أبدا هو الذي عانق قاع النهر بعد أن ألقته بنفسها أسفل جسر شهير في بلدة فرنتشكا بانيا السياحية في صربيا ،بعد أن أغلقت به قفل حبها الذي علقته علي سور الجسر وحفرت عليه الأحرف الأولي لاسميهما هي وحبيبها كي يظل وفيا لها مدي الحياة ،حيث تعبر الأقفال عن «الحب السرمدي» عند البعض، وتعد من أغرب طقوس العشاق في تخليد قصصهم.
………………………..
ويرجع أصل هذه القصة الشهيرة الي الأسطورة القديمة وهي قصة حب بين مدرسة من بلدة بانيا بصربيا تدعي «ندي» وقعت في حب الضابط «ريجلا»الصربي ،وقد تعاهدا علي الزواج وتقدم لخطبتها .وقد شهدت بانيا قصة حبهما التي ملأت أرجاء المكان وكانا رمزا للعشاق. الا ان الرياح تسير عادة بما لا تشتهي السفن ،فمع اندلاع الحرب العالمية الأولي استدعي الضابط للحرب في اليونان تاركا وراءه محبوبته في صربيا.
وأنتظرته ندي كثيرا علي الجسر الذي اعتادا أن يلتقيا عنده ،الا ان اخلاصه لها لم يدم طويلا فسرعان ما التقي بسيدة يقال انها كانت آية في الجمال باحدي الجزر اليونانية، وهام بها حبا متناسيا تماما خطيبته ندي ، التي أرسل لها من اليونان ليفسخ خطبتهما .ولم تذكر الأسطورة ماذا حدث فيما بعد في قصة الضابط والسيدة اليونانية ،الا أن كل شخص كان يقطن في بلدة فرنتشكا بانيا قبل حوالي 100عام كان يعرف جيدا ماذا حل بندي التي أخذت تذبل يوما بعد يوم ،فلم يتحمل قلبها العيش بدون حبها الوحيد وانتهي بها الحزن الي الموت وهي في ريعان شبابها . وانطلاقا من هذه القصة الحزينة وما عانته ندي في حياتها فقد قررت كل فتاة في بانيا أن تكتب اسمها واسم حبيبها علي قفل وتلقي بالمفتاح في النهر، لحماية قصص حبهن من الانفراط ،التي عبرت عنها الفتيات بهذه العملية الرمزية .وقد مرت صربيا بعدها بحرب جديدة ومعاناة أخري وبفناء جيل المحبين الصربيين الذين عاصروا ندي ،وانتهى طقس «أقفال المحبّة» لفنرة من الزمن في صربيا ،الي أن جاءت الشاعرة الصربية الشهيرة «ديسانكا ماكسيموفيتش» التي أخبرها أهل البلدة اثناء احدي زياراتها بقصة ندي وريجلا الحزينة التي الهمت الشاعرة وكتبت مجموعة قصائدها الشهيرة «صلاه للمحبة» في النصف الثاني من القرن الماضي، وهو ما أنعش هذه الطقوس مرة أخري . فمنذ هذه اللحظة أخذ العشاق في هذه البلدة في وسط صربيا يعلقون أقفال حبهم علي الجسر الذي تحول الي مقصد للمحبين من جديد، ويرمون مفاتيح قلوبهم في النهر ليبقي الحب خالدا أبد الدهر !
وفي بلدة بانيا فروجسي الشهيرة بالعلاج بالمياه الحرارية قمت بالتعرف علي هذه المنتجعات العلاجية ،حيث الطين الطبيعي المستخرج من الأرض والغني بالعناصر الطبيعية في هذه المنطقة وعلي طول نهر توبليكان، مثل البوتاسيوم والكالسيوم والزنك واليود والحديد،وغيرها من المواد التي يحتاجها الجسم.وتتميز هذه النوعية من المياه الحرارية ،التي تتغير تلقائيا كل ساعتين بانها تخرج من أعماق الطين وهو ما يجعلها غنية بالمواد المعدنية،كما انها تخلق طبقات من الطين العلاجي بالقرب من الينابيع المتدفقة من الأرض وتصل درجة حرارتها الي 32 درجة. وتعالج هذه المياه المعدنية في بانيا فروجسي ،التي تستخدم كمشروب أيضا ،أمراضاً كثيرة في المعدة والاثني عشر والكلي وضغط الدم والالتهابات .كما يعمل الطين علي تنشيط الدورة الدموية واسترخاء العضلات والمفاصل وعلاج الروماتيزم . ويقوم الشخص في هذه المنتجعات الصحية بدهن جسمه بالطين الطبيعي بالكامل تحت درجة حرارة معينة ،مدة لا تقل عن ساعة،حتي يتمكن الجسم من امتصاص المواد المفيدة التي تزيد من فعالية الدورة الدموية ،وبالتالي تساعد الجسم علي التخلص من السموم والفضلات .ويقوم بعدها الشخص بالاغتسال بالمياه الحرارية أو الاستحمام في أحواض المياه المعدنية الساخنة .وتعد هذه العملية من الأغراض التكميلية العلاجية التي تؤدي في النهاية الي الشعور بالراحة والاسترخاء والتخلص من ضغوط الحياة تماما.
جبال «زلاتيبور» النقاهة والصحة
وكانت المحطة الثالثة هي جبال زلاتيبور التى تقع غرب صربيا علي بعد 220 كم وتتميز بمعالمها الطبيعية فائقة الجمال ،وهي منطقة جذب سياحية طوال العام ،و تقدم تزلجاً علي الجليد شتاءا وتسلق الجبال صيفا .كما انها المكان المناسب لفترات النقاهة والاستشفاء والعلاج من بعض الأمراض لما لها من مردود ايجابي علي الصحة ،نظرا لما تتمتع به من هواء جبلي نقي ومناخ معتدل ومساحات خضراء شاسعة ،فيقصدها دائما مرضي الغدة الدرقية وأمرض القلب والأوعية الدموية ،ومن يعانون من ضغوط العمل والتوتر المستمر.
أطفال صربيا لجذب السياحة
وفي العاصمة بلجراد المحطة الأخيرة في المنطقة السياحية الرئيسية في المدينة وهي شارع «كنيز ميهايلوفنا» أحد شوارع المشاة الأكثر شهرة وجمالا في دول أوروبا الشرقية ،وهو أيضا بؤرة الثقافة والتاريخ والفنون .وهناك شاهدنا فرقا للفنون الشعبية من أطفال المدارس مع مدرساتهم، يقومون ببعض العروض الفنية مع الفرق الموسيقية لتشجيع التراث الصربي بزيهم المتميز ،وقد لفتوا أنظار السائحين الذين التفوا حول هذه النخبة الجميلة من الأطفال
المصدر:الأهرام.